تدريس التاريخ في التعليم الثانوي.. تحليل المسائل والمشكلات المتعلّقة بالتوجّهات والقوانين التي تسيّر الدينامية التاريخية وإعداد المتعلم لاكتساب الطرائق العلمية

تخصّص برامج التاريخ في مختلف الأطوار مكانة مرموقة للتاريخ الوطني، وذلك لكونه القالب الذي صنعت منه الهوّية الجزائرية، والإطار الذي ما فتئت الأمّة الجزائرية تتطوّر فيه. وعلى المتعلّم أن يستلهم من ماضيه الوطني بشتّى مظاهره، دون أن يفضّل فترة تاريخية معيّنة عن أخرى. وفي هذا السياق، فعلى برامج التاريخ أن تكوّن المتعلّم في إطار مبدأ الجنسية الجزائرية.
وعلى هذه البرامج أن تهتمّ بتاريخ العالم وحضاراته، وأن تعتني بالميادين الآتية:
- المغرب العربي وحضاراته، واعتبار الموروث الأمازيغي القديم وعلاقته النشطة بتاريخ العالم العربي والإسلامي؛
- عالم البحر الأبيض المتوسّط وتطوّره على المدى البعيد؛
- إفريقيا والعالم الثالث في تفاعلهما في الماضي والحاضر؛
- التحوّلات الكبرى في تاريخ العالم منذ النشأة إلى يومنا هذا.
 ولا بدّ أن يقدّر التلميذ مكانة الجزائر في التاريخ العالمي دون مبالغة ولا انتقاص، وعليه أن يعي ما يوحّد الجنس البشري وتنوّعه.
وينبغي أن تعالج برامج التاريخ ومضامينها الأحداث التاريخية، والوقائع الاجتماعية والثقافية والفكرية؛ ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بتبنّي مقاربتين متكاملتين، هما:
· المقاربة التاريخية التي تستعرض الأحداث السياسية دون الوقوع في طريقة السرد. فهي تعتمد على العلاقة الواضحة بين الأحداث التاريخية في خطوطها العريضة، وعلى التمييز بين مختلف الأحقاب التاريخية. ونشير إلى أنّ فضل هذه المقاربة يكمن في توفير الأدوات التي تمكّن من إدراك المسار الزمني، أي النشاطات الإنسانية في بعدها التاريخي.
· المقاربة الموضوعية التي تعتمد على تحليل المسائل والمشكلات المتعلّقة بالتوجّهات والقوانين التي تسيّر الدينامية التاريخية؛ وهي مقاربة تعيد الاعتبار للبيداغوجيا النشطة وترقّي روح النقد والتحليل لدى التلميذ.
يجب أن يكون درس التاريخ- خاصّة في التعليم المتوسّط والتعليم الثانوي- معتمدا على مصطلحات ثريّة ودقيقة مكتسبة بوسائل ملموسة في المرحلة الابتدائية، والذي يتحوّل تدريجيا في المتوسّط والثانوي إلى مفاهيم تاريخية دقيقة تفهم من خلال تفكير خصب. كما يجب أن نلقّن التلاميذ المفاهيم التاريخية القديمة مثل: السلطنة، الخلافة، القبيلة، الزاوية، الخراج، المكوس، الخ... إلى جانب المفاهيم التاريخية الحديثة مثل: الأمّة، الوطن، التنمية الاقتصادية، الميزان التجاري، النظام البرلماني والنظام الجمهوري، لأنّها مفاهيمتساهم في تعزيز الثقافة التاريخية للتلميذ. ولا شكّ أنّ المعرفة التاريخية في جانبيها النظري والتطبيقي ضرورية، لأنّها تزوّد التلميذ بمعارف خاصّة، وتعدّه لاكتساب الطرائق العلمية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال