الديموقراطية والحريات ونظم الحكم في دول مجلس التعاون.. إتاحة المشاركة السياسية للمواطنين وتقليص النفوذ السياسي للنخبة الحاكمة

من أصعب الموضوعات التي يمكن أن تعالج في فضاء هذه الدراسة هو "مستقبل الحريات وأنظمة الحكم في دول الخليج" فهي الأكثر احتمالا للتغيير والتبديل "سلبا أو إيجابا"، ونظرة على الواقع اليوم نجد أن دول مجلس التعاون تنقسم إلى عدد من الانقسامات، فهناك دول بدستور، وأخرى دون دستور مكتوب، ودول بانتخابات لمجالس تمثيلية، وأخرى بدستور دون انتخابات، ودول بانتخابات جزئية، أو بمجلسين، منتخب ومعين. أي تتشابه دول الخليج في الكثير من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتختلف في "اجتهادات تنظيم الحكم والحكومة"، وإذا أخذنا بالتوجه العالمي العام فإنه ينحو إلى تحقيق "الديموقراطية التمثيلية"، إلا أن التجربة قادتنا إلى هذا التوجه في الفضاء الخليجي،
وبسبب التركيبة السكانية والثقافية قد ينحو إلى "تقليص الحريات" لأن الملاحظة هي أن هناك خلطاً بين "الهوية" و "الثقافة" و "المعرفة"، فالبعض بسبب قدرته على التأثير في اتخاذ القرار، ولأنه يخلط بين المفاهيم الثلاثة "يشرع للمجتمع" على قائمة ما يعرف من "هوية"، في الكويت على سبيل المثال هناك تشريعات مثل "منع التعليم المشترك" أو "أزمة الكتب" و أزمة النصوص الثقافية أو التمثيلية، وهي انتقاص من الحريات لا يتبينه بعض المشرعين لتلك النصوص. المعنى هنا أن "الديموقراطية" لها مخالب سلبية نابعة من فهم مغلوط لها. فهي كما استقرت في المجتمعات المتقدمة لا تنفع الناس إلا بجناحين: الأول هو "التمثيل الشعبي"، والثاني الملاصق والمهم "الحفاظ على الحريات". من هنا جاءت "قوانين الحريات" اللصيقة بالدستور الأميركي، bill of write ، أو بقوانين حقوق الإنسان في بلاد أخرى. فبعد تأصيل فكرة "المواطنة" و "آليات الدولة الحديثة" حتى وإن قبلت في النصوص لا زالت بعيدة عن التأصيل في النفوس. وقد تقود "ديموقراطية قبلية" أو "ديموقراطية طائفية" إلى دكتاتورية من نوع آخر أقسى مما يمارس، حرية العقيدة والرأي والمذهب وحقوق الأقليات، وسيادة القانون.. إلى آخر تلك القواعد التي لم تتأصل بعد في الممارسة.
من المتوقع أن تخوض مجتمعات الخليج صراعا محتدما في "بيئة التطوير السياسي" في ضوء ما يلاحظ اليوم من تردد ومراوحة في إتاحة المشاركة السياسية للمواطنين، إلا أن هذا الصراع سيشهد قضيتين، الأولى هي  تقليص "النفوذ السياسي" للنخبة الحاكمة الحالية، وربما اختفاء جزء منها معارض للتطور السياسي والمشاركة، والثانية هي "استقطاب" محافظ لجزء من المشاركين، يستكثر هذا الجزء من المجتمع "المشاركة الكاملة" لكل قطاعات المجتمع. وفي ضوء التطور في وسائل الاتصال سيلجأ العديد من الشرائح في المجتمع إلى تلك الوسائل لإسماع صوتها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال