الرفض والإباء وعدم الرضوخ معطيات إنسانية كريمة، ومظاهر حية لجوهر البطولة في العصر الجاهلي. وأصوات الشعراء تشكل تيارا رافضا يجوب الجزيرة، وينتقل من خلال التحديات الاقتصادية التي كانت تريد فرضها دولة المناذرة، بكتائب النعمان: الدوسر والشهباء، وعبر الأشكال التعسفية المتمثلة بأنواع الضرائب التي كانت تجبى من القبائل المتاخمة لهذه الدولة.
وقد انتهج الشعراء الجاهليون الواقعية الثّوريّة في مجابهة هذه التحديات، وكانت الردود الرافضة تستمد قوتها من قوة الأمة، وعلو إبائها، وقدرتها على المقاومة، وقد لمعت مجموعة من شعراء الجاهلية في سماء الأدب العربي منها:
جابر بن حني التغلبي، والمرقش الأكبر، ويزيد بن الحذاق، والممزق العبدي، وعمرو بن كلثوم، والحارث بن ظالم المري، وطرفة بن العبد البكري، والمتلمس.
فالجور الذي لحق ببعض القبائل جراء إرهاقها بالضرائب الثقيلة، والإتاوات الباهظة، التي كانت تؤخذ قسرا حملت الناس على التعبير عن ظاهرة الشعور بهذه المظالم. وقد تمكن الشعراء من الإفصاح بأسلوب عنيف، وباباء شامخ، وتهديد جريء عن هذه المشاعر.
وقد وجدوا في ماضيهم الأصيل، ومجدهم القبلي مرتكزا يستندون إليه في الافتخار والرد.
ويمثل هذه الظاهرة جابر بن حني التغلبي، إذ يقول:
ويوما لدى الحشار من يلو حقـه
يبزبـز وينـزع ثوبـه ويلطـم
وفي كل أسـواق العراق إتاوة
وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم
نعاطي الملوك السلم ما قصدوا بنا
وليـس علينـا قتلهـم بمحـرم
التسميات
أغراض الشعر الجاهلي
