استغلال الموارد المائية الجوفية العربية.. ضرورة إدارة كل من العرض والطلب مع تسوية استعمالات المتاح لتأجيل الاستدامة لتجنب توقف ظاهرة التدفق الذاتي وجفاف الينابيع

تبلغ جملة الموارد المائية الجوفية المستغلة في الوطن العربي حوالي 31 مليار م3/السنة تشكل نسبة 89% من الموارد الجوفية المتاحة (35 مليار) وهي نسبة عالية تتطلب ضرورة إدارة كل من العرض والطلب مع تسوية استعمالات المتاح لتأجيل الاستدامة، هذا وقد فاق معدل السحب معدل التغذية بعدة مرات في بعض الدول. وعليه فان وضع المياه الجوفية أصبح حرجاً في العديد من الدول العربية الشيء الذي يتطلب ترشيد استخدامها وحمايتها كما يتطلب السعي لإيجاد مصادر بديلة.
تحصل الزراعة المروية على قدر كبير من موارد المياه في العالم العربي، حيث تستحوذ في المتوسط على 88%، مقابل 6.9% للاستخدام المنزلي و 5.1% للقطاع الصناعي وبلغ فيها وضع المياه درجة الأزمة وسيزداد الطلب بالزيادة السكانية للعالم العربي والذي يتوقع أن تصل إلى 735 مليون نسمة بحلول عام 2030. وفي شبه الجزيرة العربية وبعض دول المغرب والمشرق العربيين فاق السحب من المياه الجوفية معدلات التغذية السنوية مما أدى إلى هبوط منسوب المياه، تدهور نوعية المياه تغلغل مياه البحر، توقف ظاهرة التدفق الذاتي، وجفاف الينابيع بما يتطلب تدخلاً حاسماً وسريعاً.
* فاقت معدلات السحب الحالية من المياه الجوفية في بعض الدول العربية معدلات التغذية السنوية حيث وصلت إلى 190% في الأردن، 130% في سلطنة عمان، 128% في ليبيا، 133% في السعودية، 120% في دولة الامارات. والجدير بالذكر أن الخزانات الضحلة تعرضت لاستنزاف أكثر من الخزانات العميقة في بعض الأقطار كما هو الحال في تونس، سورية والأردن.
* اهتمت الدول العربية عموماً بوضع استراتيجيات وسياسات وخطط، وبرامج لاستغلال المياه الجوفية وإنشاء شبكات الرصد واستخدام التقانات الحديثة في جمع وتحليل المعلومات الخاصة بموارد واستخدامات المياه الجوفية ووضع سناريوهات مستقبلية قائمة على النماذج الرياضية للخزانات الجوفية، كما اهتمت بوضع التشريعات التي تضبط استغلال المياه الجوفية وسعت لتوحيد المؤسسات الوطنية العاملة في مجال تقييم واستغلال المياه الجوفية.
* سعت الدول العربية التي تعاني عجزاً مائياً لزيادة التغذية للمياه الجوفية باستخدام تقنية السدود الاعتراضية وحفائر ترابية وضبط استغلال المياه الجوفية، ترشيد استخدام المياه الجوفية لأغراض الري، وحماية مصادر المياه الجوفية من التلوث والاستفادة من مياه الصرف الصحي والزراعي المعالجة في أغراض الري.
* تتمثل المشاكل والمعوقات التي تواجه استخدام المياه الجوفية منها المعوقات الطبيعية التي تتمثل في تذبذب معدلات الأمطار وما يصاحبها من ضعف في التغذية السنوية للأحواض وتدهور نوعية المياه الجوفية وتملح التربة بالإضافة للمعوقات الفنية والتقنية المتمثلة في ضعف خدمات البحوث والإرشاد، ندرة المؤسسات التعليمية المتخصصة، عدم توفر القدرات الفنية لتركيب وصيانة أجهزة الري الحديثة، ضعف تأهيل المزارع، ضعف التنسيق بين الجهات المعنية بتقييم موارد المياه الجوفية والجهات الحكومية والأهلية المستغلة للمياه، بجانب النمو السكاني وما يتبعه من تزايد الطلب على المياه ومشاكل الحيازات الزراعية، ارتفاع تكلفة إنشاء وصيانة نظم الري الحديثة وضعف دعم الحكومات مع ضعف الاستثمار وسياسات التسويق.
* الآثار السلبية لتنمية موارد المياه الجوفية تتمثل في انخفاض مناسيب المياه وإنضاب المخزون في العديد من الدول العربية، تدهور نوعية المياه وتداخل مياه البحر المالحة في المناطق الساحلية، انخفاض معدلات تدفق العيون والينابيع واختفاء ظاهرة التدفق الذاتي في الكثير من الأحواض الكبيرة، بجانب تملح الأراضي الزراعية والغدق خاصة في ظل انعدام أنظمة صرف فعالة تحت نظام الري الدائم كما في دلتا النيل في مصر.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال