العولمة الثقافية والتعددية اللغوية.. تقهقر لغات العالم أمام غزو اللغات القوية وصمود العربية والصينية لخصوصية حضارة كل منهما ورسوخ قدمهما في المقاومة عبر السنين

إن مد العولمة الثقافية الجاري اليوم- حسب ما خلص إليه فريق البحث اللغوي في (جامعة لا فال) الكندية قبل ثلاث سنوات من الآن- سيقلص الكم الهائل الموجود اليوم من اللغات، إلى أقل من نسبة 4% منه، وذلك في ظرف وجيز قد لا يصل إلى قرن واحد من الآن، خاصة وأن أول شروط بقاء اللغة هو أن تكون مكتوبة، وأن اللغات المكتوبة اليوم في العالم لا تتعدى كثيرا مائتي لغة، أي أقل من نسبة 3% من لغات العالم. وتشير الدلائل إلى أن هذه اللغات المتوقع بقاؤها، لن تكون إلا من ضمن لغات الأمم القوية التي تشغل الجزء الشمالي من الكوكب الأرضي، في أمريكا وأوروبا والشرق الأدنى والهند والصين، وخاصة منها اللغات العالمية، وفي مقدمتها اللغة الإنجليزية، تليها الفرنسية، ثم اللغات الأربع الباقية: العربية، الأسبانية، الصينية، الروسية بمنازل متقاربة، إضافة إلى ما يتراوح بين 70-200 لغة دونها في القوة كالبرتغالية والألمانية والإيطالية، ثم اللغات الإسكندنافية، وهي متفاوتة جدا فيما بينها في القوة، أما حوالي6500 لغة، أي أزيد من 96% من لغات العالم، فهي تتآكل باستمرار وتتقهقر أمام غزو اللغات القوية، وخاصة منها اللغة الإنجليزية، التي إذا سارت الأمور على ما هي عليه اليوم، فمن المحتمل جدا، أن تبتلع لوحدها هذا الكم الهائل من اللغات، الواحدة تلو الأخرى، بل وأن تبتلع بعد ذلك، اللغات القوية العالمية، التي قاومت على مدى آلاف السنين، ولعه لن يبقى منها في مواجهة هذه اللغة سنة 2200م غير اللغتين العربية والصينية، كما تقدم، لخصوصية حضارة كل منهما، ورسوخ قدمهما في المقاومة عبر السنين.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال