التربية عملية فطرية صاحبت الإنسان منذ وجد على هذه الأرض، وليست هي نتاج وثمرة للعلم الحديث: فالإنسان منذ وجد على سطح هذه الأرض، وهو يسعى للتغلب على ما يعترضه من مشكلات، ويستفيد بما يمر عليه من تجارب، ويربي صغاره من أجل الحياة، وينقل تراث آبائه وأجداده، إلى أبنائه وأحفاده، ويحتفظ بما يراه قيمة عليا..
فهذا نوح عليه السلام يشكوه إلى ربه الفساد التربوي الذي ينشأ عليه الأجيال في قومه: {وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً إنك إن تذرهم يضلوا عبادك، ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً} ولا شك أن نوحاً لا يعني أن أولاد قومه يولدون كافرين فجاراً، وإنما يعني أنه ينشئون -من آبائهم- على الكفر والفجور. كما قال رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: [كل مولود يولد على الفطرة، وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه] وهذا الشاعر العربي يقول:
ويشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان علمه أبوه
ويقول آخر معتزاً بمنهج قومه في التربية والتعليم، وكرم الأصل:
وهل ينبت الخطى إلا وشيجه وتغرس إلا منابتها النخل
نعم قد ساهم العلم الحديث في تطور الوسيلة، والأسلوب، فبعد أن كان العلم بالمؤدب الخاص، ووصايا الوالدين، والخطبة، والدرس المحدود.. أصبح بالمناهج الموحدة، والجامعات التي تضم عشرات الآلاف، والوسائل الهائلة من صحافة وتلفزيون، وتقنيات متقدمة.. الخ. ولكن الأهداف من التربية بقيت كما هي: في العز والسيادة والرفاهية، والتغلب على مشكلات الحياة، والتنمية، والمواطنة الصالحة، وتحقيق الذات.. الخ. على اختلاف البشر كما أسلفنا في نظرتهم للحياة والكون بالتالي اختلافهم في الخير والشر والصلاح والفساد، والهدى والضلال والاستقامة والانحراف.
التسميات
التربية