موقف قانون حماية حقوق الملكية الفكرية.. تقليص نطاق الحماية عن طريق البراءة الى أقل درجة ممكنة

تبنى قانون الملكية الفكرية سياسة تشريعية رشيدة بهدف التخفيف الى أقصى درجة ممكنة من الآثار السلبية التي سوف تترتب على تطبيق الاتفاقية.
ولما كانت المبالغة في تدعيم حماية حقوق الملكية الفكرية من شأنها تغليب مصالح الدول الصناعية المتقدمة التي تملك العلم والمال والتكنولوجيا على حساب مصالح الدول النامية فقد روعي في اعداد نصوص القانون تقليص نطاق الحماية عن طريق البراءة الى أقل درجة ممكنة  عن طريق التوسع في الاستثناءات التي تسمح بها نصوص اتفاقية التربس, اذ توسع القانون الى أقصى درجة ممكنة في استبعاد عدة طوائف من الاختراعات من الحماية عن طريق البراءة في حدود ما تسمح به اتفاقية التربس، وهذا ما قررته المادة الثانية من القانون اذ نصت على أنه:
لا تمنح براءة اختراع لما يلى:
(1)  الاختراعات التي يكون من شأن استغلالها المساس بالأمن القومي أو الاخلال بالنظام العام أو الآداب أو الإضرار الجسيم بالبيئة أو الإضرار بحياة أو صحة الإنسان أو الحيوان أو النبات.
(2) الاكتشافات والنظريات العلمية والطرق الرياضية والبرامج والمخططات.
(3) طرق تشخيص وعلاج وجراحة الانسان والحيوان .
(4)  النباتات والحيوانات أيا كانت درجة ندرتها أو غرابتها وكذلك الطرق التي تكون في أساسها بيولوجية لإنتاج النباتات والحيوانات، عدا الكائنات الدقيقة والطرق غير البيولوجية والبيولوجية الدقيقة لإنتاج النباتات أو الحيوانات.
(5)الأعضاء والأنسجة والخلايا الحية والمواد البيولوجية الطبيعية والحمض النووي والجينوم "
ويتضح من النص المتقدم ما يلي:
(1) أن القانون استفاد من جميع الاستثناءات التي أجازت المادة 27 من الاتفاقية للدول الأعضاء الأخذ بها. إذ قررت المادة الثانية من  القانون استبعاد جميع طوائف الاختراعات التي أجازت اتفاقية التربس للدول استبعادها من الحماية عن طريق البراءة.
(2) استبعد القانون حماية الأصناف النباتية عن طريق براءات الاختراع . وجدير بالذكر أن القانون وضع نظاما خاصا لحماية أصناف النباتات في الكتاب الرابع (المواد من 189 – 206) ، مقتبس من اتفاقية اليوبوف ( UPOV 1991) .
(3) حظر القانون منح براءة اختراع للأعضاء والأنسجة والخلايا الحية والحمض النووي والجينوم، فاستبعد بذلك معظم الاختراعات المتعلقة بالهندسة الوراثية من نطاق  الحماية عن طريق البراءة ، آخذا في الاعتبار أن الدول المتقدمة تكاد تحتكر تكنولوجيا الهندسة الوراثية عن طريق شركاتها المتعددة القوميات.
(4) كما حظر القانون منح براءة اختراع للاكتشافات والنظريات العلمية والطرق الرياضية والبرامج والمخططات. ومن الغنى عن البيان أن الاكتشافات و النظريات العلمية والطرق الرياضية والمخططات لا تعتبر من قبيل الاختراعات لعدم توافر شروط الاختراع فيها ، ومن ثم فإن استثناءها من الحماية عن طريق براءة الاختراع له ما يبرره.
ويلاحظ أن المشرع قد توسع في الاستثناءات إذ أضاف إلي قائمة الاستثناءات "الاختراعات التي يكون من شأن استغلالها المساس بالأمن القومي"، كما اضاف إلي الاختراعات المستثناة من الحماية عن طريق البراءة "البرامج". وهذا يعنى أن القانون المصري يستبعد برامج الحاسب الآلي من الحماية عن طريق البراءة. على أن هذا لا يعنى أن المشرع المصري أغفل حماية برامج الحاسب الآلي ، وذلك لأن البرامج محمية قانونا باعتبارها مصنفات أدبية عن طريق الحماية المقررة لحق المؤلف.
ويختلف موقف القانون المصري في هذا الشأن عن كل من القانون الأمريكي والقانون الأوروبي. فالمبدأ الذى قررته أحكام القضاء الفيدرالي حديثا في الولايات المتحدة الأمريكية أن برامج الحاسب الآلي تحمى عن طريق البراءة إذا كان تطبيق البرنامج يؤدي إلى نتائج نافعة وملموسة ومادية.
أما في أوروبا فقد فسرت المادة 52 فقرة 2 ، 3 من اتفاقية البراءة الأوروبية (EPC) تفسيرا واسعا يسمح بحماية برنامج الحاسب الآلي إذا كان تشغيل البرنامج في جهاز الحاسب يؤدي إلى نتيجة فنية تتجاوز ما هو مألوف عند تشغيل البرنامج و اتصاله بجهاز الكمبيوتر.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال