بدأت الحفريات والتنقيب عن الآثار القديمة منذ سنة 1855 في محلة مغاير طبلون في عين الحلوة جنوبي غربي المدينة الشعبية التي تبنيها الحكومة اليوم. ومغارة طبلون تحريف لـ:مغارة أبولون.
تقع في هذه المحلة مدافن من أهم مدافن صيدا القديمة وتتألف من عدة مغاير ترجع إلى عهود مختلفة ومع الأسف لم يبق منها شيء. إن أكثرها جمر أو استعمل مقالع للحجارة ومحتوياتها أصبح معظمه في متاحف اآستانة وأوروبا.
بدأت الحفريات في مغاير طبلون 1855 حيث عثر على ناووس اشمنعزر الثاني ملك صيدا وهو اليوم موجود في متحف اللوفر.
وقد نقش على هذا الناووس كتابة فينيقية أولها: أنا اشمنعزر ملك صيدون أمي عمعشرت الملكة وأبنة أشمنعزر لك صيدون قد شيدنا هياكل للآلهة ودعت الحياة في عز شبابي... مات هذا الملك وله من العمر أربعة عشر عاماً.
قد وجد في مغاير طبلون ناووساً فخماً محفوراً عليه بدقة سم سفن فينيقية مشرعة السواري وشبيهة بالسفن الفينيقية التي وجدت رسومها في معابد الفراعنة في الكرنك ويوجد هذا الناووس في متحف بيروت وبعد من النواويس الثمينة.
وقد قسم علماء الآثار مدافن غاير طبلون إلى ثلاثة أقسام:
1- يتكون لأقدمها من آبار عميقة مربعة ليس لها درج ومحفورة جهاتها الأربع بشكل غرف مربعة أيضاً توضع فيها النواويس. نواويسها أغلبها على الشكل المصري.
2- القسم الثاني يتألف من مغاير لها درج وفي جنباتها حفر معدة لوضع النواويس. وجد فيها نواويس من الفخار وأخرى مزخرفة ببعض النقوش.
3- القسم الثالث أحدث عهداً وهو عبارة عن مغاير مطلية بالكلس أو مدهونة بالألوان وفيها نقوش يونانية ورومانية. وقد أعطي هذا القسم عدداً من النواويس الرصاصية.
ومغاير طباون جزء بسيط من مدافن صيدون القديمة الموزعة في عدة مناطق من البلدة.
وفي سنة 1887 اتسخرج حمدي بك مدير المتحف العثماني عدة نواويس ثمينة جداً من محلة قياعة وقد عثر عليها صدفة. منها اربعة نواويس يونانية من الرخام البديع الغالي الثمن اصطنعها أحذق صناع اليوانا فبلغوا في نحتها ونقوشها غاية الجمال والتقان وقد نقلت إلى متحف الآستانة.
وأول هذه النواويس ناووس المرزبان لأن صوره منقوسة على جوانبه تمثل مرزباناً والثاني هو الليقي نسبة إللا هندسة أهل ليقيا. والثالث ناووس الباكيات دعي كذلك لما نقش على جوانبه من النساء النائحات وعددهن ثماني عشرة يمثلن الحزن في هيآته المختلفة والرابع ناووس الاسكندر من أبهى وأجمل النواويس اليونانية وسمي كذلك لأنه نقش على جوانبه مآثر الاسكندر وحربه مع الفرس وانتصاره على دارا.
واستخرج حمدي بك من نفس المحلة وفي نفس السنة ناووسين ملكيين ثمينين أحدهما لتبنيت ملك صيدا ابن اشمنعزر الأول وقد حفر عليه الكتابة التالية: "أنا تبنيت كاهن عشترت وملك صيدون مضطجع في هذا القبر إياك أن تفتح قبري هذا إذ ليس فيه ذهب ولا فضة ولا كنوز وعسى من ينتهك قبري ولا يجد له ذرية تحت الشمس ولا راحة في قبر..."
والناووس الثاني يشبه الناووس الأول شكلاً ولكن لا كتابة عليه ويرجح أنه ناووس الملكة عمعشترت أخت تبنيت وزوجته وقد وجد في ناووس الملك تبنيت تاج الملك وهو من الذهب الخالص وقلائد ذهبية وأساور ذات أحجار كريمة وخلاخل ودمالج وأقراط أنيقة الصنع بديعة الشكل.
والجدير بالذكر أن النواويس الملوكية الثلاثة التي اكتشفت في صيدا وهي على الشكل المصري ومن الحجر الأسود القاسي ويظهر أن الفينيقيين ابتاعوها من مصر وأفرغوها من جثتها الأصلية ومحوأ كتابتها الهيروغليفية ثم وضعوا فيها جثث ملوكهم ونقشوا عليها الكتابة الفينيقية التي ذكرناها.
وأخيراً نذكر أن الدكتور فورد أحد مؤسسي الكلية الإنجيلية في صيدا وجد كثيرا من الأشياء في حدائق مدرسة الكلية الإنجيلية حيث بنى له داراً أول الأمر ومن جملة ما عثر عليه الدكتور فورد جمسة وعشرين ناووساً على الشكل المصري أهدتها زوجته فيما بعد إلى المتحف اللبناني.
وفي الخريف الماضي اكتشف صدفة في محلة مغاير طبلون نواويس قديمة من الرخام: ثلاثة على الشكل المصري. وترجع بتاريخها إلى العهد اليوناني-الروماني. وقد وجد في بعضها عقود وأقراط من الذهب وبعض الحجارة الكريمة. وتبدو هذه النواويس كأنها تكملة لمجموعة الدكتور فورد التي وجدت في نفس المحلة.
ومما لا شك فيه أن هذه المنطقة لا تزال تحتوي على الكثير من النواويس. وإن التنقيب والحفريات ستكشف عنها عما قريب.
التسميات
صيدا