نموذج المعرفة السلبية.. النظرة المادية المبتذلة إلى العمل الأدبي كانعكاس للواقع

إن (نموذج المعرفة السلبية) يمثّله (تيودور أدورنو) T.Adorno (-1969) من مدرسة فرانكفورت، والذي شنّ هجوماً على لوكاش، اتهمه فيه بالدوغمائية، وبيّن كيف أن لوكاش كان واقعاً في فخ النظرة (المادية المبتذلة) إلى العمل الأدبي كانعكاس للواقع.

بينما يرى (أدورنو) أن الفن والواقع يقفان على مسافة من بعضهما، وأن هذه المسافة  تمنح العمل الفني موقعاً ممتازاً يمكنه من نقد الواقع، وذلك بواسطة (القوانين الشكلية) الخاصة بالأدب، والمتمثلة في (الإجراءات والتقنيات) التي تفكك مادة الموضوع وتعيد ترتيبها.

وبهذا التشديد على القوانين الشكلية للفن، باعتبارها إجراءات وتقنيات، وباعتبارها اندماجاً للذات والموضوع، يشرح (أدورنو) كيف أن الكتّاب الذي يقرّعهم لوكاش على (ذاتيتهم) إنما يضعون أنفسهم على مسافة  من الواقع، لكي يقوّم عملهم بنقده.

والعمل العظيم عند (أدورنو) هو العمل الذي ينجح في كشف التناقض بين المظهر والواقع. فعندما يلجأ بروست وجويس مثلاً إلى المونولوج الداخلي، فهما يعرضان الذات مستلبة ومعزولة عن المجتمع، ولكنهما يضعان الذات ضمن سياق اجتماعي يعيد تأسيس المنظور الصحيح الذي يُظهر الذات المفردة كمجرد جزء من الكلية، وبذلك يكشفان الواقع المتناقض الذي يقطنانه، وهو واقع يبدو الناس فيه تحت رحمة القوانين الميكانيكية للسوق وللدولة المعقلنة والبيرو قراطية.

وقد طوّر (أدورنو) وزملاؤه في معهد فرانكفورت للبحوث الاجتماعية نظرية في الثقافة رأت أنه مع تزايد عقلنة المجتمع الرأسمالي غدت الثقافة صناعة.

وبما أن العمل الأدبي يحمل مضموناً ويسعى إلى طرح رسالة سياسية فإنه سوف ينتقض حالاً من قبل صناعة الثقافة الموجهة نحو تحييد النقد من قبل النظام الاجتماعي.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال