المنهج التربوي النبوي وتربيته لأصحابه على القيام بواجب التبليغ.. الدعوة إلى المشاركة في تعليم العلم ونشره



عن أبي هريرة- رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة" ( رواه أبو داود (3658) والترمذي (2649) وابن ماجه (266) وأحمد ( 2/236 ) وصححه أحمد شاكر .). والأمر لايقف عند طائفة خاصة، أو مستوى معين من التحصيل، بل يدعو صلى الله عليه وسلم حتى صغار المتعلمين، وأولئك الذين لم يبلغوا منزلة عالية في التحصيل، يدعوهم إلى المشاركة في تعليم العلم ونشره قائلاً:" بلغوا عني ولو آية"(رواه البخاري (3461). ) . وهي دعوة للمشاركة والمساهمة المنضبطة، لا فتحاً للباب لتصدير من تعلم مسألة واحدة.
وقال صلى الله عليه وسلم :"نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها، فَرُبَّ مبلغ أوعى من سامع" ( سبق تخريجه ) . وقد روى هذا الحديث أكثر من(16) من أصحابه مما يشعر أنه صلى الله عليه وسلم قاله في أكثر من مناسبة، أو قاله في أحد المجامع العامة تأكيداً لشأنه.
وانظر إلى أثر هذه التربية في قول أبي ذر -رضي الله عنه- :" لو وضعتم الصمصامة (السيف) على هذه - وأشار إلى قفاه - ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تجيزوا عليَّ لأنفذتها"( رواه البخاري تعليقاً كتاب العلم باب العلم قبل القول والعمل.).
ويتحرج معاذ- رضي الله عنه - فيرى أن من الإخلال بواجب العلم أن يكتم حديثاً سمعه منه صلى الله عليه وسلم مع أنه نهاه أن يحدث به الناس"هل تدري ما حق الله على عباده؟… "( رواه البخاري (6500) وموضع الشاهد برقم (128) ومسلم (32).) فيخبر- رضي الله عنه - به قبل موته تأثماً.
إن هذا كله بعض نتاج ما ورثه ذاك الجيل من المعلم الأول صلى الله عليه وسلم.