عَنْ أَبَى أُمَامَةَ ض ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَنِي رَحْمَةً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ،بَعَثَنِي لِأَمْحَقَ الْمَعَازِفَ وَالْمَزَامِيرَ وَأَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ،وَالْأَوْثَانَ،وَحَلَفَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ بِعِزَّتِهِ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَقَاهُ اللَّهُ مِثْلَهَا مِنَ الْحَمِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،مَغْفُورٌ لَهُ أَوْ مُعَذَّبٌ،وَلَا يَدَعُهَا أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَقَيْتُهُ إِيَّاهَا فِي حَظِيرَةِ الْقُدُسِ حَتَّى تَقْنَعَ نَفْسُهُ "[1]
المعازف:آلات الطرب
الأوثان:جمع وَثَن وهو الصنم،وقيل:الوَثَن كلُّ ما لَه جُثَّة مَعْمولة من جَواهِر الأرض أو من الخَشَب والحِجارة،كصُورة الآدَميّ تُعْمَل وتُنْصَب فتُعْبَد وقد يُطْلَق الوَثَن على غير الصُّورة،والصَّنَم:الصُّورة بِلا جُثَّة
الحميم: الماء الحار - حظيرة القدس: الجنة
وعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ،قَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ،وَأَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيَّانَ سَمِعَا رَسُولَ اللهِ ص،يَقُولُ: لَيَكُونَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ.[2] - الحِر: الفرج والمعنى يستحلون الزنا
وفي هذا الحديث وعيد شديد على من يتحيل في تحليل ما يحرم بتغيير اسمه،وأن الحكم يدور مع العلة.والعلة في تحريم الخمر الإسكار،فمهما وجد الإسكار وجد التحريم ولو لم يستمر الاسم.قال ابن العربي:هو أصل في أن الأحكام إنما تتعلق بمعاني الأسماء لا بألقابها،ردا على من حمله على اللفظ.[3]
الْمَعَازِفُ مِنْهَا مَا هُوَ مُحَرَّمٌ كَذَاتِ الأَْوْتَارِ وَالنَّايَاتِ وَالْمَزَامِيرِ وَالْعُودِ وَالطُّنْبُورِ وَالرَّبَابِ،نَحْوُهَا فِي الْجُمْلَةِ ،وَمِنَ الْمَعَازِفِ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ،كَالدُّفِّ الْمُصَنَّجِ لِلرِّجَال عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ،وَمِنْهَا مَا يَكُونُ مُبَاحًا كَطُبُول غَيْرِ اللَّهْوِ مِثْل طُبُول الْغَزْوِ أَوِ الْقَافِلَةِ .عِنْدَ بَعْضِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ .
وَمِنْهَا مَا يَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ مَنْدُوبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا كَضَرْبِ الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ لإِِِِعْلاَنِهِ .عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ،وَفِي غَيْرِ النِّكَاحِ مِنْ مُنَاسَبَاتِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْبَعْضِ[4]
واخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْغِنَاءِ:فَمِنْهُمْ مَنْ قَال بِكَرَاهَتِهِ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ،وَمِنْهُمْ مَنْ قَال بِتَحْرِيمِهِ،وَمِنْهُمْ مَنْ قَال بِالإِْبَاحَةِ،وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّل بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ،وَمِنْهُمْ مَنْ لاَحَظَ جِنْسَ الْمُغَنِّي فَفَرَّقَ بَيْنَ غِنَاءِ الرِّجَال وَغِنَاءِ النِّسَاءِ،وَمِنْهُمْ مَنْ مَيَّزَ بَيْنَ الْبَسِيطِ السَّاذَجِ وَبَيْنَ الْمُقَارَنِ لأَِنْوَاعٍ مِنَ الآْلاَتِ[5] .
وذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ اتِّخَاذَ الْغِنَاءِ حِرْفَةً يُرْتَزَقُ مِنْهَا حَرَامٌ .وَذَهَبَ الإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ أَوِ الرَّجُل يُغْنِي،فَيَتَّخِذُ الْغِنَاءَ صِنَاعَةً يُؤْتَى عَلَيْهِ وَيَأْتِي لَهُ،وَيَكُونُ مَنْسُوبًا إِلَيْهِ مَشْهُورًا بِهِ مَعْرُوفًا،لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا،وَذَلِكَ أَنَّهُ مِنَ اللَّهْوِ الْمَكْرُوهِ الَّذِي يُشْبِهُ الْبَاطِل،وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ هَذَا كَانَ مَنْسُوبًا إِلَى السَّفَهِ وَسِقَاطَةِ الْمُرُوءَةِ،وَمَنْ رَضِيَ بِهَذَا لِنَفْسِهِ كَانَ مُسْتَخِفًّا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا بَيِّنَ التَّحْرِيمِ .[6]
إنَّ مَا حَل تَعَاطِيهِ ( أَيْ فِعْلُهُ ) مِنَ الْمُوسِيقَى وَالْغِنَاءِ حَل الاِسْتِمَاعُ إلَيْهِ،وَمَا حَرُمَ تَعَاطِيهِ مِنْهُمَا حَرُمَ الاِسْتِمَاعُ إلَيْهِ،لأَِنَّ تَحْرِيمَ الْمُوسِيقَى أَوِ الْغِنَاءِ لَيْسَ لِذَاتِهِ،وَلَكِنْ لأَِنَّهُ أَدَاةٌ لِلإِْسْمَاعِ،وَيَدُل عَلَى هَذَا قَوْل الْغَزَالِيِّ فِي مَعْرِضِ حَدِيثِهِ عَنْ شِعْرِ الْخَنَا،وَالْهَجْوِ،وَنَحْوِ ذَلِكَ:فَسَمَاعُ ذَلِكَ حَرَامٌ بِأَلْحَانٍ وَبِغَيْرِ أَلْحَانٍ،وَالْمُسْتَمِعُ شَرِيكٌ لِلْقَائِل .وَقَوْل ابْنِ عَابِدِينَ:وَكُرِهَ كُل لَهْوٍ وَاسْتِمَاعُهُ .[7]
ولا يخفى على كل ذي عقل وبصيرة ما في الاستماع إلى هذه المحرمات من أثر على أخلاق الولد،ومن جرّه إلى الترهل والفجور والمنكر،ومن انزلاقه في متاهات الشهوات والملذات!!..
[1] - مسند أحمد (عالم الكتب) - (7 / 409)(22218) 22571- وذم الملاهي - (1 / 71)(69) ضعيف
[2] - صحيح ابن حبان - (15 / 154)(6754) وصحيح البخارى- المكنز - (5590 ) تعليقاً صحيح
[3] - فتح الباري لابن حجر - (10 / 56)
[4] - الموسوعة الفقهية الكويتية - (38 / 168)
[5] - الموسوعة الفقهية الكويتية - (31 / 296)
[6] - الموسوعة الفقهية الكويتية - (31 / 296)
[7] - الموسوعة الفقهية الكويتية - (4 / 95)
التسميات
رعاية الأبناء