إن اللفظ الحسن ترتاح له النفس ويستسيغه السمع، واللفظ السيئ لا يحب الإنسان أن يطرق سمعه ولا أن ينطق به، وإن الاسم الذي يختاره أبو المولود وأسرته له يلتصق به، ويصبح علماً عليه، وقد يصعب تغييره في كبره.
فإن كان الاسم حسناً محبباً، سر به المسمى عند كبره وأحب أن يدعى به، وسر به غيره – أيضا - ممن يناديه به أو يسمعه، وإن كان قبيحاً ساءه سماعه حين يدعى به، وساء من يدعوه ومن يسمع النداء به، والمسمى لا ذنب له في ذلك، لأنه لم يختره لنفسه، لذلك كان المشروع أن يختار له أهله الاسم الحسن الذي يسره ويسر غيره، وقد ظهر ذلك في عناية الله بتسمية بعض أنبيائه، وفي اهتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسمية بعض الأطفال عند ولادتهم، أو تغيير بعض الأسماء المكروهة.
قال تعالى لزكريا عليه السلام: ((إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا)) [راجع المطلب الثالث من هذا المبحث].
وسمى الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم "أحمد" وبشر به عيسى عليه السلام بهذا الاسم، كما قال تعالى: ((وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقٌ لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد)) [الصف:6].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاء إليه بالمولود، فيحنكه ويدعو له ويسميه ويسأل عن اسمه، فإن رآه حسناً تركه، وإن لم يعجبه سماه، كما كان يغير أسماء الكبار إذا كانت قبيحة.
فقد ولدت أسماء بنت أبي بكر، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنها وحنكه، وصلى عليه (أي دعا له) وسماه عبد الله [راجع صحيح مسلم (3/1690) وما بعدها..].
وكذلك فعل صلى الله عليه وسلم بابن أبي طلحة رضي الله عنهما، حنكه وسماه عبد الله [سبق قريباً في آخر المطلب الخامس].
وجاء أبو أسيد رضي الله عنه بمولود له إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "ما اسمه؟" قال: فلان، قال: "ولكن اسمه المنذر" [البخاري (7/117) ومسلم (3/1692)].
وقدم جد سعيد بن المسيب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: "ما اسمك؟" قال: اسمي حَزْن، قال: (بل أنت سهل) قال: ما أنا بمغير اسماً سمَّانيه أبي، قال ابن المسيب: فما زالت فينا الحزونة بعد" [البخاري (7/117) (و) وغير اسم "عاصية" إلى جميلة" [راجع صحيح مسلم (3/1686)].
وأمر بعض أصحابه أن يسمي ابنه عبد الرحمن [البخاري (7/116ـ117) ومسلم (3/1684)]. وروى ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن " [مسلم (3/1682) والترمذي (5/132)].
وروى أبو الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم" [أبو داود (5/236) وحسنه ابن القيم في تحفة المودود في أحكام المولود ص66 وقد بسط في هذا الكتاب الكلام في هذا الباب فراجعه في ص 66ـ87].
التسميات
رعاية الأبناء