تتميز الحياة في العصر الحديث بكثرة الالتزامات والرتابة والتعب وتبتعد فراسخ وأميال عن البهجة والسرور ويعز على كثير من الناس الاستمتاع بالضحك، ولذلك نسمع بين الحين والآخر عن افتتاح مهرجانات دولية للضحك في أنحاء المعمورة يشارك فيها نخبة من نجوم الضحك لإمتاع الجمهور بعروض مشاهير الهزل، فكيف يتسنى لهؤلاء كسر الجمود وإذابة الجليد بين الناس ومشاعر الفرح، لاشك أن الممثل القدير يدخل إلى قلبك وحواسك وعواطفك دون استئذان ويتجول في عقلك فيمس منطقة العاطفة التي تتراكم فيها الأحاسيس متنقلاً بين الفرح والحزن، يبث فيك السرور فتغمرنا السعادة والبهجة، فهو ليس صاحب الكلمة والقول الفصل على خشبة المسرح فقط بل هو أيضاً صاحب الكلمة في إضحاك الجمهور فنراه يتحكم بالصالة التي فيها خشبة المسرح فما إن يقول كلماته حتى تضج القاعة جميعاً بالضحك والتصفيق كلما يبحث عن الأداء الحقيقي يكون مؤثراً وننتظر دوره في المسرح بفارغ الصبر ليضرب على وتر الفرح ويجود علينا بالنشوة.
عندما يطل علينا نضحك مسلوبي الإرادة حتى نذرف الدموع وكأن حركاته وأقواله بمثابة قنبلة دمعية مسيلة للدموع ويستمر ما يفعله فينا هذا الممثل من مشاعر وأحاسيس حتى نرفع له الراية البيضاء مستسلمين له ولإبداعه. والحزن كم هو مؤلم وقاس ونحن نهرب منه حتى نذهب إليه، أحياناً ليس حباً فيه، بل نذهب إليه مرغمين، ونشد رحالنا مع الممثل للسفر إلى عالم الحزن عندما ينتقل لمنطقة الحزن في عقلنا، ويدخل علينا حزيناً كأن الدنيا اسودت في عينيه ينتابنا شعور غريب يجعلنا نحب الحزن لأننا بحاجة إليه، أو تتظهر نفوسنا من الحزن والألم ونتعاطف مع الممثل الذي أمامنا يتألم ويحزن وننسى مؤقتاً همومنا أو على الأقل نجد من يشترك معنا في الآلام، ونئن تحت وطأة المعاناة التي نشاهدها ونرى أنفسنا ونحن في محيطات النكد لا ينتشلنا منها إلا إسدال الستار على خشبة المسرح أو إشعال أنوار السينما بعد نهاية الفيلم وسنذهب إلى البيت والأصدقاء نحكي لهم ما شاهدناه ونروي لهم حكاية ممثل استطاع أن يؤثر فينا لمدة ساعة أو أكثر ويتحكم في مشاعرنا، وخاصة إذا كان ممثلاً كوميدياً.
فخزائن الممثل لا تنتهي. وعند تلقيها يجب الحذر من الجرعات الزائدة.
التسميات
إبداع