طرق عرض الروائي للشخصية.. الحيادية بجعل أقوالها وأفعالها نابعة من منطق الحياة حتى يراها المتلقي سوية فيتعاطف معها، ويراها مألوفة فلا ينفر منها

إن طريقة عرض الروائي للشخصية، يجب أن تكون من منطق الأحداث، وظـروف البيئة، والتبريرات الفنية المقنعة التي تجعل نموها فى أجواء طبيعية متجانسة، وهذا العرض يتطلب روائيا متمتعاً بدرجة عالية من الحرفية "حتى لا يكشف الروائي عن رؤيته الذاتيــة للأحداث، وبالتالي تعبر عن اتجاهه، وتنطق باسمه، وتخضع لوصايته، فيصف نفسه بدل أن يصف شخصياته، وبذلك تبتعد الرواية عن الموضوعية، وتضحى خواطر ذاتية بحثة يسخر الشخصيات للتعبير عنها".

وبجوار الحرفية، لابد أن يكون الكاتب حيادياً. وليس المقصود بالحيادية هنا وقوف الكاتب من شخصياته موقفاً سلبيا ً، فيتركها تتحرك بلا قيود، غافلاً عن منطق الحياة، بل المقصود جعل أقوال وأفعال الشخصية نابعة من منطق الحياة، حتى يراها المتلقي سوية فيتعاطف معها، ويراها مألوفة فلا ينفر منها، ولن يتأتى ذلك للروائي إلا إذا شعر القارئ من أعمال الشخصية "بحرارة الحياة، ويتعرف من فعلها ما تتميز به من شمائل وحقائق، فلا تتكلم إلا بالأسلوب الطبيعي الذي يلائم نفسيتها، ولا تعمل إلا وفق الحوادث على منهجها المرسوم لها"، ولا تحيا إلا الحياة الطبيعية، فتتقلب بين الخير والشر، وجمود المشاعر واشتعالها، فلا توجد شخصية جامدة المشاعر بلا لحظة فرح أو لحظة بكاء، فالشخصية الطبيعية في الحياة متقلبة "كالريشة في مهب النزعات والنزوات"، تحيا بالتقلب فإذا "استمرت خيرة طبقاً لتصميم معين، أو شريرة طبقاً لتصميم معين، أو حتى هوائية طبقاً لتصميم معين فإنها ستتوقف عن الحياة".

  إن الشخصية الروائية أمة من إماء العصر الجاهلي تخدم دون أمل في نجاة، تتحمل كل شرور الخدمة، وأنواع الحقد واللؤم في بيت سيدتها الرواية، دون أن تشكو، وهي محرك دمى يخلق من العدم حياة مملؤة بالحركة والصياح والجلبة، وهى المرأة المتسلطة التي لا تهدأ إلا إذا رأت نيران الصراع من حولها مضطرمة ، وهى الرسام الذي يغير شكل الواقع بألوانه.

 وللشخصية الروائية تصنيفات عديدة، بعضها متعلق بموقف الشخصية من الأحداث وبعضها بموقع الشخصية من الأحداث، وبعضها يتصل بتعبير الشخصية عن الإنسان الفردي أو النموذج الاجتماعي ففي التصنيف الأول نجد الشخصية إما إيجابية أو سلبية، وفى التصنيف الثاني نجدها إما بسيطة، أو نامية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال