تطبيق التشريع من حيث المكان.. مبدأ إقليمية وشخصية القوانين. الدولة صاحبة السلطان المطلق والسيادة التامة في حدود إقليمها. تطبيق تشريعات الدولة على جميع المواطنين الذين ينتسبون إليها

مسألة تطبيق التشريع من حيث المكان تفترض وجود تنازع بين تشريعات مختلفة صادرة عن دول متعددة فيكون من الواجب انتقاء أحد هذه التشريعات لتطبيقه على القضايا التي يراد الحكم فيها.

ولقد ظهر - مبدآن متناقضان لبيان كيفية تطبيق التشريعات ومدى شمولها من حيث المكان والأشخاص هما:
- مبدأ إقليمية القوانين.
- مبدأ شخصية القوانين.

مبدأ إقليمية القوانين:
تعتبر الدولة بحسب مبدأ إقليمية القوانين, صاحبة السلطان المطلق والسيادة التامة في حدود إقليمها وبذلك تكون جميع التشريعات الصادرة عن الدولة تطبق ضمن حدود الإقليم على الأشخاص الذين يقيمون فيه.

ويقوم هذا المبدأ على فكرتين:
1- تطبق تشريعات الدولة ضمن حدود إقليمها على جميع من يقيمون فيه سواء أكانوا مواطنين أو أجانب.

2- لا تطبق هذه التشريعات ضمن حدود أقاليم الدول الأخرى بالنسبة لمواطني الدولة التي صدرت عنها, بل يخضع هؤلاء المواطنون لتشريعات الدول صاحبة السيادة على الأقاليم التي يقيمون فيها.

مبدأ شخصية القوانين:
ويقوم هذا المبدأ على فكرتين تناقض تماماً الفكرتين اللتين يقوم عليهما المبدأ السابق وهما:

1- تطبق تشريعات الدولة على جميع المواطنين الذين ينتسبون إليها, سواء أكانوا يقيمون ضمن حدود إقليمها أم خارج هذا الإقليم.

2- لا تطبق هذه التشريعات على الأجانب الذين يقيمون ضمن إقليم الدولة الصادرة عنها, بل يخضع هؤلاء لتشريعاتهم الوطنية.

مبررات كل من المبدأين:
إن مبدأ إقليمية القوانين ينسجم إلى حد كبير مع فكرة سيادة الدولة وسلطانها ضمن حدود إقليمها.

إلا أن مبدأ إقليمية القوانين لا يشجع كثيراً على نمو العلاقات بين أفراد الدول المختلفة لأن الأجنبي تدفعه تجارته أو مهنته للعيش في بلد غريب قد يكون حريصاً على ألا يخضع لتشريعات هذا البلد كلها.

وتبدو أهمية مبدأ شخصية القوانين بصورة خاصة بالنسبة لأمور الأحوال الشخصية من زواج أو طلاق... إذ أن أغلب الناس حريصون بالنسبة لهذه الأمور على أن تطبق عليهم تشريعاتهم الوطنية لأنها أقرب إلى طبائعهم وعاداتهم وتقاليدهم.

تطبيق التشريع من حيث المكان بحسب نظامنا القانوني: 
إن أغلب النظم في عصرنا الحاضر ومن بينها النظام المطبق في بلادنا تأخذ بالمبدأين معاً, فهي تطبق كل منهما بحسب نوع العلاقات التي يراد تطبيق التشريع عليها.
ولكننا نستطيع القول بأن مبدأ إقليمية القوانين هو الغالب بالنسبة لنظامنا القانوني.

الأمور التي يطبق بالنسبة إليها المبدآن معاً:
تدخل في هذه الزمرة في الواقع, الأمور الجزائية حيث يطبق بالنسبة إليها مبدأ إقليمية القوانين, كما يطبق مبدأ شخصية القوانين.

وذلك لأن التشريعات السورية تطبق بالنسبة لجميع الجرائم التي ترتكب على إقليمها سواء ارتكبها سوري أو أجنبي مبدأ (إقليمية القوانين) وتطبق بالنسبة للجرائم التي يرتكبها المواطنون السوريون خارج الإقليم (الأرض السورية) مبدأ (شخصية القوانين).

والسبب في ذلك هو حرص الدولة على معاقبة كل من يرتكب جريمة على أرضها تهدد سلامتها وأمنها، وتحرص على معاقبة المجرمين من أبنائها وفقاً لقواعدها ولو ارتكبوا جرائمهم خارج أرضها لأنها لا ترضى لهم اقتراف الجرائم.

الأمور التي تطبق بالنسبة إليها مبدأ إقليمية القوانين:
ومن أهم هذه الأمور:
1- الأمور المتعلقة بالضابطة (البوليس) كتنظيم المرور ومراقبة الأسواق والمحلات...
2- القواعد المتعلقة بالأشياء من عقارات أو أموال منقولة وبما يترتب عليها من حقوق عينية.
3- القواعد المتعلقة بالالتزامات غير التعاقدية.
4- القواعد المتعلقة بالاختصاص القضائي وإجراءات المحاكمة.
5- القواعد المتعلقة بالنظام العام والآداب العامة.

الأمور التي تطبق بالنسبة إليها مبدأ شخصية القوانين:
1- الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم (المادة 12).
2- الشروط الموضوعية لصحة الزواج (المادة 13) وآثار الزواج (المادة 14).
3- الطلاق (المادة 14).
4- الالتزام بالنفقة فيما بين الأقارب (المادة 16).
5- المسائل الموضوعية الخاصة بالولاية والوصاية والقوامة وغيرها من النظم التي تحمي المحجورين والغائبين (المادة 17).
6- الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت (المادة 18).

تطبيق التشريع من حيث المكان بالنسبة للعقود:
بالنسبة للعقود وحسب المادة 20 من القانون المدني يطبق التشريع الذي يختاره المتعاقدان, فإذا لم يتفقا على تشريع معين يطبق التشريع النافذ في موطنهما المشترك، فإذا لم يكن لهما موطن مشترك يطبق التشريع في الدولة التي تم فيها العقد.

أما العقود التي تتعلق بعقار ما فيطبق عليها تشريع موقع هذا العقار.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال