وظائف الثقافة.. توفير وسائل إشباع حاجات الفرد وتنمية الضمير. توفير تفسيرات جاهزة لطبيعة الكون وأصل الإنسان واكتساب حريته وقدرته علي التفكير عن طريق نشاطه وجهده

تعتبر الثقافة أساسا للوجود الإنساني بالنسبة للفرد والمجتمع الذي ينتمي إليه فهي توفر للفرد صورة السلوك والتفكير والمشاعر التي ينبغي أن يكون عليها ولا سيما في مراحله الأولى فالطفل في بداية حياته يتقبل الثقافة التي ينشأ فيها تقبله للهواء فالأسرة وجماعة الرفاق والمسجد أو الكنيسة كلها تقدم له بعض أفكار الثقافة وأساليبها وتنتظر منه قبولها وتشربها.

والثقافة توفر للفرد وسائل إشباع حاجاته فليس علي الفرد في مجتمعنا أن يتعلم في بداية حياته كيف يجلب لنفسه الدفء أو ينقذ نفسه من العطش والجوع أو يوفر لنفسه الأمن إذ أن الأنماط التي توفر هذه الوظائف الأولية وتوجهها توجد في الثقافة ويتفاعل معها الفرد منذ طفولته وهو يتعلم منها السلوك الخلقي بالنسبة للعلاقات الجنسية وبقدر أهمية الملبس والمركز الاجتماعي والملكية وغيرها.

وبهذا المعنى ينشأ الفرد علي قيم وعادات تؤثر علي حياته فقد ينشأ في ثقافة تقدر أهمية الزهد والتواضع وقد ينشأ في ثقافة أخرى تهتم بأنواع الطعام والتفنن فيه وقد ينشأ في ثقافة تحيط العلاقات الجنسية بالكثير من المحرمات والقيود وقد ينشأ في ثقافة أخرى لا تحيط العلاقات الجنسية بمثل هذه المحرمات والقيود.

والثقافة توفر للأفراد تفسيرات جاهزة لطبيعة الكون وأصل الإنسان ودور الإنسان في هذا الكون وقد تكون هذه التفسيرات غيبية أو علمية وقد يتشبعوا بهذه التفسيرات أو تلك فتؤثر علي نظرتهم إلي طبيعة الكون وعلاقتهم.

والثقافة كذلك توفر للأفراد المعاني والمعايير التي يميزون في ضوئها بين الأشياء والأحداث فما يعتبره الفرد طبيعيا أو غير طبيعي منطقيا أو غير منطقي عاديا أو شاذا خلقيا أو غير خلقي جميلا أو قبيحا هاما أو تافها جيدا أو رديئا يشتق من معني الثقافة وأسس التمييز فيها.

والثقافة تنمي الضمير عند الأفراد فمن المسلم به اجتماعيا أن الضمير غير فطري فقد يكون صوتا ضعيفا أو ساكنا داخل الفرد ولكنه يشتد في ضوء تحديات الجماعة لمعنى الصواب والخطأ وينمو عند الفرد بتمثله الداخلي لقيم الجماعة ومعاييرها وامتصاصها وإذا ما أخطأ في أمر من الأمور وخالف ما ننتظره منه الجماعة بحسب مستوياتها الثقافية.

والثقافة المشتركة تنمي في الفرد شعورا بالانتماء والولاء فتربطه بالأفراد الآخرين في شعور واحد وتميزها جميعا عن الجماعات الأخرى.

وقد يشتد هذا الشعور عند أفراد ثقافة ما إذا اشتدت عزلتهم وقد يكون شعورا مستنيرا إذا ما قامت علاقات المجتمعات بعضها ببعض علي أسس من التقدير والاحترام وقد يتحول هذا الشعور عند الفرد إلي غضب وعدوان إذا ما خضعت ثقافته لثقافة أخرى وعن طريق الثقافة يكتسب الفرد اتجاهات سلوكه العام.

فالإنسان يكتسب حريته وقدرته علي التفكير عن طريق نشاطه وجهده في الثقافة التي يعيش فيها وعن طريق اكتسابه معانيها ثم استخدام هذه المعاني كقوة يفهم بها نفسه ويفهم العالم المحيط به ويميز في ضوءها بين الجيد والرديء من الأحداث والعناصر والعوامل.

وهذا كله يمكنه من السيطرة علي بيئته وتوجيهها وتوجيه نفسه فيها.
لا ريب في أن الثقافة تعتبر أساس الوجود الإنساني بالنسبة للفرد والمجتمع الذي ينتمي إليه فهي توفر للفرد صورة التفكير والسلوك والمشاعر التي ينبغي أن تكون عليها فالطفل في بداية حياته يتقبل الثقافة التي ينشأ فيها تقبله للهواء والماء.

إن الأسرة وجماعة الرفاق والمسجد أو الكنيسة كلها تقدم له بعض أفكار الثقافة وأساليبها وتتوقع منه قبولها وتشربها.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال