إنشاء المصارف إسلامية.. تقديم خدمات الاكتتاب العام وزيادة رأس المال بضمان الإصدارات أو تغطية المتبقي من أسهم الاكتتاب للجهات التي تعمل وفقاً للشريعة الإسلامية



بدأت أولى الدعوات الجادة والمؤثرة لإنشاء المصارف الإسلامية في عقد الستينيات من القرن الماضي، فقد كان لقرارات مجمع البحوث الإسلامية التي صدرت عن مؤتمره الثاني الذي إنعقد في العام 1965 الذي حضره ممثلون عن خمس وثلاثين دولة إسلامية وفتوى علماء الأزهر عام 1965، وكذلك قرارات المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي الأثر الكبير في إطلاق الضوء الأخضر لإنشاء أعمال مصرفية إسلامية، هذه القرارات والتوصيات التي صدرت عن هذه الجهات أدت إلى تشجيع المستثمرين على القيام بخطوة إنشاء مصارف إسلامية في مختلف الدول العربية والإسلامية. وقد ركزت تلك القرارات والتوصيات على ستة نقاط رئيسية هي:
1- ضرورة استخدام صيغ التمويل الإسلامية في المعاملات المصرفية بدلاً من الصيغ التقليدية، مثل المرابحة، المشاركة، المضاربة والاجارة وغيرها.
2- القيام بإنشاء وإدارة الصناديق الإستثمارية وطرح وحداتها عبر صكوك وسندات تتماشى والصيغ الإسلامية ، على أن تدار جميع أنشطتها في كل مراحلها بما يتوافق مع الشريعة.
3- الشراكة والمساهمة مع الشركات المالية والتجارية الأخرى التي تعمل طبقاً للصيغ الإسلامية لخلق بيئة متكاملة من التعاملات المالية والتجارية الإسلامية .
4- تشجيع المصارف على تقديم خدمات عمليات البيع والشراء للأسهم والصكوك في السوق الثانوية، شرط أن يكون مصدر هذه الأسهم والصكوك ملتزماً في نشاطاته مع الشريعة.
5- تشجيع المصارف على تقديم خدمات الاكتتاب العام وزيادة رأس المال بضمان الإصدارات أو تغطية المتبقي من أسهم الاكتتاب للجهات التي تعمل وفقاً للشريعة الإسلامية، ويمكن أن يكون ذلك عبر الحصول على عمولة معلومة مقابل تكاليف تحصيل القيمة أو أية دراسات أو حملات تسويقية قد يجريها المصرف.
6- تسهيل عمليات قيام المصارف الإسلامية بإنشاء شركات تابعة لها لمساندتها في تنفيذ أعمالها كعمليات الوساطة في الأسواق المالية وأعمال التمويل والتأجير وإدارة الأصول.
وبدأت المصارف بعد هذه الفترة في الإنتشار عبر ثلاث مراحل خلال القرن العشرين ، فبدأت المرحلة الأولى من العام 1971 حتى  1980. والتي تمثلت البداية الحقيقة لفكرة إنشاء المصارف الإسلامية الرسمية بالمنطقة العربية في عام 1971 من خلال تجربة تأسيس بنك ناصر الإجتماعي في مصر، حيث نص القانون المصري على عدم تعامله بالفائدة وهو أول المصارف التي طرحت تلك الفكرة، وتبعه بأربع سنوات تأسيس أول نماذج المصارف الإسلامية وأهمها في منطقة الخليج العربي وهو بنك دبي الإسلامي في الإمارات عام 1975، وتوالت بعد ذلك المصارف الإسلامية في الكثير من البلدان العربية والإسلامية.
وتقوم هذه المصارف بعمليات متنوعة تساعد كلها على تدعيم تنمية المجتمع، ومن أبرز هذه العمليات عمليات استثمارية للأموال المودعة لديها والاستثمار يعني (استخدام الأموال الفائضة بغرض الحصول على ربح عبر فترة من الزمن). إن الاستثمار بلا شك يعد من الأعمال المشروعة التي يقرها ديننا الحنيف بل يرغب فيها إلا أن ذلك مقيد بأن تكون أسس الاستثمار مشروعة. وقد سيطرت الأعمال المصرفية الإسلامية على نسبة كبيرة من التعاملات المالية في العديد من الدول الإسلامية، فعلى مستوى المنطقة العربية مثلاً نجد أن هناك العديد من المصارف التقليدية التي تحولت إلى المصرفية الإسلامية في جميع تعاملاتها، كما أن النسبة الكبرى من المصارف التي تم إنشاؤها في المنطقة العربية خلال العشرين سنة الماضية هي مصارف إسلامية. من جانب آخر تحقق المنتجات المصرفية أيضاً تقدماً ملحوظاً لدى المؤسسات المالية العربية التقليدية. أما على المستوى العالمي فنجد أن هناك العديد من المصارف في أوروبا تقوم بتقديم بعض المنتجات الإسلامية على الرغم من عدم إتباع مصارفها المركزية وأنظمتها المالية المحلية للأنظمة المالية الإسلامية، ويرجع هذا النمو المتزايد لهذه الأعمال إلى طلب العملاء للتعامل بها وكذلك ارتفاع العائد منها وإنخفاض مستوى المخاطرة فيها مقارنة بالمصرفية التقليدية.