صيغ التمويل في المصارف الإسلامية.. قلة المخاطر واستقرار الأرباح وانعكاس لفلسفة الإسلام ورؤيته الخاصة للمال والعمل والاستثمار رغم الهوة بين النظرية والتطبيق في الواقع المصرفي الإسلامي



تنقسم صيغ التمويل في المصارف الإسلامية إلى قسمين رئيسيين:

- الأول يمتاز بسهولة تطبيقه الواسع وقلة مخاطره واستقرار أرباحه، ولكنه يقزِّم الصرح الفكري الإسلامي ولا يحقق الانسجام بين الأهداف النظرية للاقتصاد الإسلامي وبين الممارسة، ومثال ذلك المرابحة والتورق، فقد ذكرت بعض الإحصاءات أن صيغة التمويل بالمرابحة وصلت في بعض المصارف إلى حوالي 90% من مجمل عملياته المصرفية.

وقد أثار هذا كثيراً من الانتقادات على المصارف الإسلامية، بعضها متعلق بالشبهات الشرعية، والبعض الآخر متعلق بعدم جدوى هذه العمليات في بيان معالم الاقتصاد الإسلامي، وخدمة الاقتصاد الوطني فضلاً عن أنها قربت بين المصارف الإسلامية والربوية مما أساء إلى العمل المصرفي الإسلامي كله.

- الثاني يمتاز بانسجامه التام مع جوهر الفكر الإسلامي، ويعكس بشكل واضح فلسفة الإسلام ورؤيته الخاصة للمال والعمل والاستثمار، ولكنه إما غير مطبق أو قليل التطبيق كما نلاحظ واقعياً، وذلك لعدم توافر البنى الأخلاقية والاجتماعية والقانونية والفقهية اللازمة لانسيابه المريح، لذلك لا يتم تطبيقه إلا في حالات التمويل المؤسسي، الكبير ولا يتم على نطاق المنشآت الصغيرة أو الأفراد ومثال ذلك الاستصناع والمشاركة والمضاربة و السلم.

والمشكلة هي وجود هوة واسعة بين النظرية والتطبيق في الواقع المصرفي الإسلامي الحالي، الذي يشير إلى أن المصارف الإسلامية تفضل ترجيح الإمكانية العملية للتطبيق، ولو أدت إلى الانتهاء بنموذج يشابه إلى حد النموذج الربوي، من حيث الآثار والمآلات الاقتصادية والتنموية، وإن كان مختلفاً من حيث الشكل وأساليب العمل، وأن استمرار هذا الوضع لن يمكِّن المصارف الإسلامية من تحقيق التميز من جهة الكفاءة الإدارية والاقتصادية والمشروعية، وبالتالي سيؤدي إلى خسارة المصارف الإسلامية لعملائها، كما سيؤثر سلباً على سمعتها وثقة الناس بها.