دور الروادع الأخلاقية والدينية للحد من التحرش الجنسي

إن الروادع الحقيقية تتعلق بسلوكيات الإنسان وأخلاقه في التعامل مع الآخر، والدين يُعلِّم الإنسان منذ نعومة أظافره أن للآخر حُرمة، ونطاق لا يستطيع أن يتعداه، حُرمة في المال، حُرمة في الحياة، حُرمة في العرض، ولتبدأ هذه التربية منذ الطفولة الأولى ونحن نتذكر هذا عندما يوجهنا القرآن الكريم إلى أن الطفل قبل أن يبلغ الحُلم عليه أن يستأذن، فلا يدخل على والديه في أوقات ثلاث: هي قبل الفجر، ووقت الظهيرة، وبعد العشاء، عندما يضع الإنسان ثيابه، منذ نعومة أظافره يعرف أن للآخر حُرمة عليه ألا يتعداها، والآخر ابتداءً من أبويه وانتهاءً بكل فرد في العالم الذي يعيش فيه، وهذا القيد الذي يُفرض على الفرد ليس قيداً يُقيد حركته، ولكن هو لصالحه، لأنه إذا قُيد الفرد نحو الآخرين فهذا القيد مفروض على كل المجتمع لصالحه، فأنا في الآخر الظافرة، لأن المجتمع كما قيدني في سلوكياتي قيد الجميع من أجلي، فيعيش الإنسان في حياة مستقرة آمنة بهذا الوضع.
ثم إن الدستور الأخلاقي الذي يوجه الإنسان في حركته تجاه مجتمعه مع الآخرين هو أكبر ضمان أن هذا المجتمع يسير في نطاق الفضيلة، وعلينا أن نتذكر أن الإسلام يريد مجتمعاً لا ينطق إلا بالفضيلة، ويحارب الفُحش بجميع صوره ولا يقبله، ويضع العقوبات التي تواجه الفرد إذا أراد أن يتعرض للآخر فيما يمس كرامته أو شرفه أو عرضه، أو أن يتعدى على ما يكون متعلقاً بحياته، هذا الأمر إذا تولى المجتمع تنشئة الأبناء عليه منذ البداية من خلال أجهزته المختلفة ابتداءً بالأسرة وبالجهاز التعليمي، وبالجهاز الإعلامي، وبالجهاز الديني، وبالأندية، وبالأجهزة الثقافية، استطاع المجتمع أن يوجد الفرد المتوازن المتماسك أخلاقياً الذي يستطيع أن ينتج ويتقدم بخطوات واسعة وواثقة نحو الرقي وأن يحافظ على كرامة كل فرد ولا يسمح بالتعدي على أي إنسان مهما كان حجم هذا التعدي صغيراً.
فالمجتمع الذي تشيع فيه الفاحشة لا يكون مآله إلا الدمار والانهيار، وهذا ما يرفضه الإسلام.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال