لا يمكننا اعطاء تحليل معمق للاعلام العربي في هذه العجالة، فهو موضوع قائم في ذاته ويحتاج لتحليل مسهب. ولكي يكون الإعلام محركا للتوعية المجتمعية، لا بد أن يوحي بذلك. إلا أن الاعلام العربي ليس في المستوى الكافي من النضوج الثقافي والمهني حتى اليوم، مع احترام جهود بعض المنابر الإعلامية في هذا المجال. فما عدا قناة الجزيرة وبعض الصحف الملتزمة، ثمة إعلام دون مستوى النقد ودون مستوى التحليل. لن أتطرق لتحليل الصحف الوطنية أو الخليجية وما جاء فيها عن غزة، سأقوم بذلك في مناسبة أخرى، ولكن من المحزن القول ان الإعلام العربي في معظم منابره في حالة سبات، وهو لا يغطي مأساة الحصار والأوضاع المزرية في غزة حتى بدا اسم هذه المدينة غريبا ولا يذكر البتة في بعض البلدان العربية.
في زيارة قمت بها مؤخرا لواحد من هذه البلدان، فوجئت بالهوة بين ما نقوم به في أوروبا لمكافحة التطبيع والتوعية لعدم شراء المنتوجات الإسرائيلية في وقت كانوا مشغولين بتدشين مطاعم الماكدونالد التي افتتحت عندهم مؤخرا. وهمهم الحالي حفظ المصطلحات المتعلقة بالوجبات الأمريكية السريعة، فزعي زاد أكثر حين تجرأت وبدأت أتحدث عن المشاكل التي يعاني منها أبناء قطاع غزة جراء الحصار المفروض عليهم. فبدا لي وكأنني أتيتهم من كوكب آخر ومن عالم ليس عالمهم.
لكن رغم فزعي من جهل هذا المجتمع بقضاياه لم يكن بقدر فزعي ببشاعة إعلامه الذي شارك في انحدار الوعي إلى هذه الدرجة من الجهل. إعلام نائم أو متآمر عليه مع سلطته التي تكن كل المودة لإسرائيل.
لا شك بأن مهمتنا في أوروبا ليست سهلة من أجل مبادرات متنوعة وخلاقة لكسر احتكار اللوبي الموالي للإسرائيلي لوسائل الإعلام الكبرى، إلا أن المهمة تبدو أحيانا أصعب في غياب الحد الأدنى من الحريات الأساسية والإعلامية وتواطؤ السلطات الرسمية كما هو الحال في العديد من الدول العربية.
التسميات
تواصل