الضوابط الشرعية للتعامل بخطابات الضمان.. جواز خطابات الضمان المصرفية مشروط بأن يكون مرتبطا بمشروعية الموضوع الذي يطلب خطاب الضمان لأجله



- بالنظر إلى تعامل المصارف الاسلامية في خطابات الضمان، فقد اجتهد كثير من الفقهاء المعاصرين لتكييف هذا العقد، واختلفت تلك التكييفات الشرعية كما اختلفت من قبلها الاجتهادات القانونية.
ولكن أهم وأكثر التكييفات الشرعية التي لاقت القبول العام هي أن خطابات الضمان عقد خاص يقترب كثيرا من الكفالة، أو هو نوع خاص من أنواع الكفالة، وهو عقد جائز. 
- لقد ذهب كثير من هيئات الفتوى والرقابة الشرعية وكذلك توصيات مختلف الندوات والمؤتمرات، وقرارات مجمع الفقه الاسلامي الدولي أن خطابات الضمان يمكن ردها إلى نوعين من العقود التى طرقها الفقهاء، وهما الكفالة والوكالة.
فالعلاقة بين البنك والجهة المستفيدة بخطاب الضمان هي علاقة كفالة في كل الأحوال، أما العلاقة بين البنك مصدر خطاب الضمان وبين العميل طالب الخطاب فهي تارة تكون علاقة كفالة وتارة تكون علاقة وكالة. 
- وبين قرار مجمع الفقه الاسلامي الدولي أن خطابات الضمان بأنواعها لا تخلوا إما أن تكون بغطاء أو بدونه، فإن كانت بدون غطاء فهي ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره فيما يلزم حالا أو مآلا، وهذه هي حقيقة ما يعني في الفقه الاسلامي باسم الضمان أو الكفالة. وإن كانت خطابات الضمان بغطاء، فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي الوكالة.
والوكالة تصح بأجر أو بدونه، مع بقاء علاقة الكفيل لصالح المستفيد. 
- إذا كانت خطابات الضمان مغطاة تغطية جزئية فإنها تكون وكالة في الجزء المغطى، وكفالة في غير المغطى. 
- إن جواز خطابات الضمان المصرفية مشروط بأن يكون مرتبطا بمشروعية الموضوع الذي يطلب خطاب الضمان لأجله، فلا يجوز اصدار خطاب ضمان لمن يطلبه للحصول على قرض ربوي أو عملية محرمة.
والمنع هنا مستنده تحريم المعونة على الإثم. 
- لا يجوز أخذ الأجرة على خطابات الضمان لقاء مجرد الضمان، والتي يراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته، سواء أكان بغطاء أم بدونه، لأن الكفالة من عقود التبرع التي يقصد بها الإرفاق والإحسان.
وحيث لا يجوز أخذ الأجر على القرض، فمن باب أولى وأحرى عدم جواز أخذ الأجر على الضمان الذي هو مجرد استعداد للإقراض. 
- يجوز للبنك في جميع الأحوال أن يأخذ أجرا على خطاب الضمان بمقدار ما يبذله من جهد وعمل إجرائي، ذلك أن إصدار هذا الخطاب بتطلب بعض الأعمال التي تقوم بها الجهة المصدرة للخطاب، وهي خدمات منفصلة عن معنى الضمان، وذلك بإعداد ملف لطالب خطاب الضمان والتأكد من أهليته لتلك المعاملة، وقد يعرض الأمر على عدة جهات كرئيس القسم أو المدير أو لجنة الائتمان، ثم تتم طباعة الخطاب، وغيره من الأعمال.
ولذا جاز أخذ العمولة أو الأجر عن عملية الإصدار، ولكن يشترط ألا يربط الأجر بنسبة المبلغ الذي يصدر به خطاب الضمان، فلا يمكن أن يختلف الأجر بين مبلغ وآخر لشبهة الربا، كما لا يمكن ربطه بمدة صلاحية الخطاب لأن مراعاة الزمن أمر متصل بالضمان نفسه وليس بالإصدار فيجب استبعاده. 
- يصح التفاوت في تحديد الأجر في خطابات الضمان تبعا لتصنيف عمليات الضمان إلى شرائح بحيث يختلف عبء الخدمة بينها، وليس تبعا لمبلغ الضمان.
بمعنى أنه يجوز وضع جدول حسب شرائح حالات الضمان المختلفة في طبيعتها مثل خطابات الضمان للهواتف، أو للمقاولات العادية، أو للمقاولة الحكومية وغيره.
كما يصح وضع شرائح بالمبالغ متباعدة الحدود وتخصيص عمولة عن كل شريحة بصرف النظر عن رقم المبلغ، بحيث تتفاوت الأجرة تبعا لتفاوت الجهد لكل شريحة الذي منشؤه ضخامة المبلغ الذي يتطلب موافقات وإجراءات خاصة، وهذا يختلف عن ربط الأجرة مباشرة بمبلغ الضمان. 
- إن تحميل المصروفات الإدارية ومقابل الخدمات على طالب خطاب الضمان لإصدار خطاب الضمان بنوعيه (الابتدائي والنهائي) جائز شرعا، مع مراعاة عدم الزيادة على أجرة المثل.
وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي يجوز أن يراعى في تقدير المصروفات لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء. 
- يجوز للبنك الاسلامي أن يستثمر بالمضاربة المبلغ المودع لديه غطاء لخطاب الضمان الذي يصدره بنفس الشروط التي يستثمر بها للمودعين.
وفي هذه الحالة يحصل البنك على حصة من ربح ذلك الاستثمار ولا يتحمل أي خسارة مالية قد تحدث لأنه يكتفي بخسارة جهده. 
- الأولى أن يخير البنك طالب اصدار خطاب الضمان بين أن يكون غطاء خطاب الضمان وديعة استثمارية على أساس المضاربة، وبين أن يكون مالا مضمونا على البنك مثله مثل الحسابات الجارية يملك البنك حق استثمار ذلك المال لنفسه، فيكون الربح له، والخسارة في حالة وقوعها عليه عملا بما ورد أن رسول الله قضى أن الخراج بالضمان.