حدثت تطورات كثيرة في دنيا الأدب نتيجة ثورة المعلومات والتطور الهائل في التكنلوجيا، أصبحت الأجناس الادبية متداخلة مع بعضها، يمكن ان تكون القصة القصيرة متشابهة مع القصيدة، والعكس صحيح ايضا، قال بعض النقاد ان اجناسا أدبية ولدت ولم تكن موجودة مثل القصة القصيرة جدا، ويمكن أن نرد على رأيهم بان القصة القصيرة جدا، كانت موجودة ولكنها لم تكن واسعة الانتشار كما يحدث هذه الأيام، وان التطور التكنولوجي جعل الكثير من الكتاب يستسهل الكتابة في هذا اللون الادبي، وان كان اغلب ما كتب في هذا الجنس الأدبي يخلو من شروط الابداع، ومن توفر الناحية الفنية، الا ان بعضها وكما يرى النقاد ناجحة شكلا ومضمونا، فيصبح من غير الانصاف ان يجري التعميم الذي لايصح ابدا في القضايا الأدبية او الفنية، وان كانت الأجناس الادبية قد تداخلت وظهرت الروايات القصيرة ، فهل اثر التطور التكنلوجي على تراجع اجناس اخرى؟
البعض من الباحثين تنبئوا بموت الرواية، وقالوا ان الرواية لاتتلاءم مع الواقعي وانها العصور القديمة ، والرد على هذا الزعم ان الملاحم تنتشر في عصور بدائية الجنس البشري ، وان اقدم ملحمة في التاريخ هي جلجامش وكانت في القرن العشرين قبل الميلاد، والملحمة تختلف اختلافا جذريا عن الروايات لان الأولى تتحدث عن مجتمع تتعدد فيه الالهة، وتقوم تلك الالهة بما يقوم به البشر عادة من كره وحب وعدوان وحقد وهجوم على الأخر واشعال نيران الحروب ، ومهما قيل عن الواقعية المنتصرة في الأدب ، فانه لايمكن للابداع ان يكون بعيدا عن المتخيل، الذي يكبر مما يستمده المبدعون من واقعهم المتغير ، ان هذا الادعاء مردود ، لان الرواية العربية تعيش ازهى عصورها ، وانه لاجنس أدبي او فني سوف يموت لصفاته الابداعية ، فما دام الابداع حائزا على صفات الفن والجمال، فانه سوف يعيش ، وان ولدت ألوان أخرى سوف تختفي، كما اختفت الملاحم التي كانت معروفة في لانعرفها الان ، لان من طبيعة البشر انهم يعملون دائما على التغيير ، فقد زعم البعض ان القصيدة العمودية سوف تموت ، ونحن نشهد مئات القصائد التي يتم الاهتمام بها ، وهذا يبين لنا ان الاجناس الادبية يمكن ان تعيش مع بعضها البعض، واننا يمكن ان نحب الشعر بمختلف ألوانه ونحب القصة والرواية والخاطرة والمسرحية، والرسالة والنقد الادبي في نفس الوقت، وان كان الشعر قديما هو المسيطر على الألوان الأدبية الاخرى واطلق عليه ديوان العرب ،لأنه اسرع حفظا من النثر، فان عصرنا المتطور لايمكن ان يدع جنسا واحدا يغلب الاجناس الاخرى ، المهم هو الجمال والقدرة على التعبير والمهارة في استخدام الكلمة الموحية، التي تنقل ما يشعر به الكاتب الى القاريء وتجعل هذا الأخير مقتنعا بصحة ما يقرأ من آراء ..ومن الممكن ان نقول ان الاجناس الادبية القديمة الأشكال والأفكار أيضا ، سوف تموت لان العالم يتطور ، وليس من المناسب ان نجد نفس الطريقة التي استعلمت منذ عصر ما قبل الاسلام موجودة الى يومنا هذا ، فان النجاح يحالف الجديد دوما رغم الصعوبات التي تعترض طريق التجديد في بداية المراحل، ويمكننا أن نقول ان كل جنس أدبي لابد ان يتجدد ، وانه اذا بقي يسير على ونتيجة ذلك الانتهاء فان الأدب لابد ان يخسر ويتراجع لأنه يقوم علة ملكة الخيال ، لكن الحقيقة ان الواقعية هي التي تمسك بالتاريخ والرمز وقدرة التخييل نفس الطريقة السابقة ويعبر عن عين الافكار التي تركها الزمن فانه حتما سيموت، فموت اي جنس ادبي بشكله الكلاسيكي أمر محتم ، ومنذ أن أصبح الكومبيوتر الأداة الأساسية للكتابة بالنسبة لأغلب الكتاب ازدادت التنبؤات بمستقبل جديد للأدب. وتقوم التنبؤات على فكرة مفادها: ان اي أدب بالشكل الذي اعتدناه وصل الى نهايته، البعض يقول ان القدرة على التخيل انتهت.
إذن، هل الآداب اليوم بأحسن حالاتها؟ الجواب يمكن ان يكون بالايجاب ان توفر الوعي المناسب للحكم على العمل الادبي او لصالحه، فليس كل ما يكتب أدبا جميلا مميزا، وان كنا قد كسبنا من العولمة ان كاتباتنا العربيات أصبحن اكثر شجاعة وقدرة على التعبير عن حقيقة ما كن يخبئنه داخل النفس من عواطف وأفكار، فانه يمكن ان نثق بقدرة قارئنا ونقادنا على الحكم بانصاف، وان ما يجعل الكاتبة العربية تتميز هو الشجاعة الكاملة في التعبير عن الرأي والموقف من أحداث الحياة التي تجري من حولنا ولا بد ان يكون لنا موقفنا الخاص منها
لقد أصبحت المطابع الورقية تقوم بنشر ما سبق للكاتبات من نشره في المدونات وفي المواقع الالكترونية مما يجعل جمهور النت يقبل على اقتناء الكتب عند صدورها. وان المهم بالنسبة للكاتبة ان يتفاعل القاريء معها وانها استطاعت أن تنقذ نفسها من الازدواجية التي يعاني منها الكثيرون، حيث يتحدثون بلغة ويفكرون بلغة ويكتبون بلغة، انما اصبحت تمتلك الشجاعة لتظهر بمثل ما تبطن..
التسميات
عولمة