مفهوم المداعبة وأقسامها: استغلال بعض المواقف بقول أو فعل يدخل السرور على الآخرين ، دون جرح للمشاعر أو إهدار للكرامات

مفهوم المداعبة:
ذكر ابن منظور في لسان العرب ( 1/ 375 – 376 ) في مادة دَعَبَ قوله : داعبه مداعبة : مازحه ، والاسم الدعابة ، و المداعبة: الممازحة، وقال: الدعابة: المزاح، والدُّعْبُبُ: المَّزّاح، وأدْعَبَ الرجل: أي قال كلمة مليحة، وقال الليث: فأما المداعبة فعلى الاشتراك كالممازحة، اشترك فيه اثنان فأكثر.
وأما في الاصطلاح فالمداعبة كما عرفها ابن حجر في الفتح (10/526 ): هي الملاطفة في القول بالمزاح وغيره.
والمداعبة والمزاح شيء واحد ، فهو كلام يراد به المباسطة بحيث لا يفضي إلى أذى ، فإن بلغ به الأذى فهوسخرية..
وخلاصة القول في مفهوم المداعبة: هي استغلال بعض المواقف بقول أو فعل يدخل السرور على الآخرين، دون جرح للمشاعر أو إهدار للكرامات، وإذا اشتملت على مواقف تربوية كانت أكثر فائدة ، وأعظم أثرا.
أقسام المداعبة:
يرى بعض الباحثين أن المداعبة تنقسم – من حيث الجواز وعدمه – إلى قسمين :-
الأول : ماكان مباحاً لا يوقع في معصية ، ولا يشغل عن طاعة ، على ألا يكثر منه المسلم ، فيطغى على الجدية التي هي الأصل في حياته ، وقد يكون المازح مأجور على مزاحه إذا أحسن النية ، وكان مقصده من مزاحه مصلحة شرعية.
يقول ابن حجر في الفتح (10/527 ) : فإذا صادف مصلحة مثل تطييب نفس المخاطب ، ومؤانسته ، فهو مستحب.
ومن هذا الباب كان مزاحه (ص)، وكان مزاح صحابته من بعده ، وإن كان الصحابة رضوان الله عليهم قد تجاوزوا المزاح بالقول إلى الفعل ، فقد علل الأستاذ العودة في كتابه الترويح التربوي ( ص 91 ) بقوله : ويستفاد من ذلك أن المربي القائد يُلزَم بما لايُلزَم به سائر الأفراد حفاظاً على مكانته أن تبتذل بمزاح مضاد ، وحفاظاً على أفراده في أن يتسبب في إحراجهم بأفعال يصعب الاعتذار منها.
الثاني : ما كان منه محرماً، يخدش الحياء ويجرح الكرامة ويثير الحفيظة – وما أكثره اليوم - ، وهو المعني بحديث الرسول  (ص) الذي قال فيه: ( لايأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً ) صحيح سنن أبي داود (3/944) .
يقول ابن حجر في الفتح (10/526 ) كلاماً ما معناه : المنهي عنه في المزاح ما كان فيه إفراط أو مداومة ؛ لأنه يشغل عن ذكر الله ، وعن التفكر في مهمات الدين ويقسي القلب ويزرع الحقد ويسقط المهابة والوقار ، ثم نقل عن الغزالي قوله : من الغلط أن يتخذ المزاح حرفة ، وكان هذا رده على من يتخذ مزاحه  ص  دليلاً ، ثم يقول معلقاً على ذلك : حال هذا كحال من يدور مع الريح حيث دار .

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال