فك شفرة الانجذاب القاتل: الآلية الكيميائية الحيوية لرائحة الجسم التي توجه بعوض "كوليكس" لنقل فيروس غرب النيل

سر انجذاب البعوض: الرائحة ودورها في نقل الأمراض

لطالما شكلت ظاهرة انجذاب البعوض نحو البشر وإصرارها على لسعهم لغزاً محيراً للعلماء، خاصةً بالنظر إلى التداعيات الصحية الخطيرة لذلك. تشير الأبحاث الحديثة إلى أن السر يكمن بشكل أساسي في الرائحة الطبيعية للجسم. هذه الرائحة، المنبعثة من البشر والطيور على حد سواء، تلعب دور "المنارة" التي توجه هذه الحشرات الماصة للدم.


الآلية الكيميائية للاحساس بالرائحة لدى بعوضة "كوليكس":

كشفت دراسة أجراها علماء في جامعة كاليفورنيا- دافيز تحديداً عن تفاصيل هذا الانجذاب، مركزين على بعوضة من نوع "كوليكس" (Culex)، وهي ناقل رئيسي لـفيروس غرب النيل وغيره من الأمراض الخطرة.

  • الرائحة كـ"محفز": وجد الباحثون أن الرائحة الطبيعية المنبعثة من أجسام كل من الإنسان والطيور هي ما يجذب بعوض "كوليكس" ويحفزه على امتصاص الدم منهما.
  • دور المواد الكيميائية: أشار البروفسور في علم الحشرات وولتر ليل والباحث زيان سيد إلى أن البعوضة تفرز مواد كيميائية معينة تحفز حاسة الشم لديها وتوجهها نحو مصدر "وجبة الدم" البشرية أو الحيوانية.
  • تطور الهوائيات: نشرت الدراسة في مجلة "بروسيدنغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسيز"، وذكر ليل أن "هوائيات" (Antennae) بعوضة "كوليكس" هي متطورة بشكل كبير جداً، ما يمنحها قدرة فائقة على اكتشاف وتحديد مكان تواجد الإنسان بدقة متناهية.


تفضيل البعوض للبشر على الطيور: آفاق جديدة للمكافحة

على الرغم من أن الطيور تُعد مصدر جذب للبعوض، إلا أن النتائج التي توصل إليها الباحثون قد تفسر السبب الذي يجعل البعوض يفضل لسع البشر أكثر من الطيور. هذا التفضيل يمثل نقطة محورية لجهود مكافحة الحشرات.

  • فهم التفضيل: يساعد هذا الاكتشاف في فهم أعمق للآليات الحسية التي تجعل البعوض يختار فريسته.
  • الآثار المستقبلية: يمهد هذا الفهم الطريق أمام إمكانية صنع أدوية أو مبيدات فعالة يمكنها التدخل في حاسة الشم المتطورة لدى البعوض، إما عن طريق تثبيط انجذابها للرائحة البشرية أو عن طريق تشتيت هذه الحاسة.

دائرة نقل الأمراض: البشر والطيور كحاضنات للفيروسات

تُعد بعوضة "كوليكس" بمثابة ناقل (Vector) ينقل الأمراض عبر سلسلة غذائية وبيئية واسعة.

  • البشر كمضيف رئيسي: عندما تلسع البعوضة إنساناً مصاباً بفيروس، فإنها تحمل الفيروس معه.
  • الطيور كمصدر "احتياطي": وصف الباحث ليل الطيور بأنها مصدر "احتياطي" أو وسيط في دورة انتقال الفيروس.
  • السلسلة الواسعة للنقل: لا يقتصر نقل الفيروس على البشر والطيور فحسب، بل يشمل أيضاً مجموعة واسعة من الثدييات والحيوانات الأخرى، بما في ذلك الخيول، الكلاب، القطط، الخفافيش، السناجب، والأرانب، مما يجعل مكافحة هذه الأمراض أمراً بالغ التعقيد ويتطلب جهوداً متعددة الأوجه.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال