حركة المقاومة الإسلامية (حماس): من الجذور الأصولية في 1987 إلى السلطة الحاكمة لقطاع غزة، وإشكاليات الصراع المسلح والمواقف الدولية

حركة المقاومة الإسلامية "حماس": الجذور، الأيديولوجية، والواقع السياسي والاجتماعي

حركة المقاومة الإسلامية، المعروفة اختصاراً بـ**"حماس" (Hamas)**، هي حركة فلسطينية وطنية شعبية تنشط على جبهات المقاومة والعمل الاجتماعي والسياسي. تبلورت الحركة كقوة فاعلة تهدف إلى توفير الظروف اللازمة لتحرير الشعب الفلسطيني من الظلم، وإنهاء الاحتلال لأرض فلسطين من النهر إلى البحر، والتصدي للمشروع الصهيوني الذي تصفه بأنه مدعوم من قوى الاستعمار الحديث.


الجذور الفكرية والتأسيس:

الأصول والأيديولوجية:

تُصنف حماس كحركة أصولية إسلامية سُنية فلسطينية، وهي جزء لا يتجزأ من حركة النهضة الإسلامية الأوسع، وتعتبر هذه النهضة المدخل الأساسي لاستعادة فلسطين.

  • الجهاد والإطار الشامل: ترى حماس نفسها كحركة جهادية بالمعنى الواسع، حيث لا يقتصر الجهاد على الصراع المسلح، بل يمتد ليشمل كافة أشكال المقاومة السياسية والاجتماعية والثقافية.
  • المنطلق الشعبي والعقائدي: تتميز حماس بكونها حركة شعبية متجذرة، تنبع من تيار واسع داخل صفوف الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية. هذا التيار يرى في العقيدة والمنطلقات الإسلامية الأساس الثابت للعمل والمواجهة ضد عدو يمتلك منطلقات عقائدية ومشروعاً معادياً لجهود النهوض في المنطقة.

التأسيس والانفصال عن الماضي:

تأسست حماس في عام 1987 بالتزامن مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى.

  • النشأة وارتباطها بجماعة الإخوان: انطلقت الحركة كفرع من فروع جماعة الإخوان المسلمين المصرية. تجدر الإشارة إلى أن الفرع السابق للإخوان المسلمين في قطاع غزة قبل عام 1987 كان غير معادٍ لإسرائيل ومُعادياً لمنظمة التحرير الفلسطينية، لكن حماس مثلت تحولاً جذرياً في هذا التوجه.
  • بيان الهدف المؤسس: صرح الشريك المؤسس، الشيخ أحمد ياسين، في عام 1987، وأكده ميثاق حماس الصادر في عام 1988، أن الهدف الأساسي للحركة هو تحرير فلسطين بالكامل (التي تشمل حالياً إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة) وإقامة دولة إسلامية على كامل هذه الأراضي.

هيكل الحركة والواقع الميداني:

تُدير حماس شؤونها عبر جناحين رئيسيين:

  • جناح الخدمة الاجتماعية والدعوية: يتولى هذا الجناح توفير الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية للشعب الفلسطيني، مما أسهم في بناء قاعدتها الشعبية القوية.
  • الجناح العسكري (كتائب الشهيد عز الدين القسام): هو الذراع العسكري لحماس، ويقوم بتنفيذ العمليات العسكرية ضد الأهداف الإسرائيلية.

السيطرة على قطاع غزة والصراع:

  • السلطة الحاكمة الفعلية: أصبحت حماس السلطة الحاكمة الفعلية لـقطاع غزة منذ سيطرتها على المنطقة في عام 2007 عقب معركة غزة، التي أدت إلى طرد مسؤولي حركة فتح من القطاع.
  • الحروب والحصار: خلال فترة سيطرتها، خاضت حماس عدة حروب مع إسرائيل. وقد أدى استيلاء حماس على القطاع إلى فرض حصار اقتصادي على غزة من قبل إسرائيل ومصر، بحجة أن قوات فتح لم تعد توفر الأمن هناك.

المواقف الدولية والمقاومة المسلحة

التصنيف الدولي:

تتباين المواقف الدولية بشكل كبير حول طبيعة حركة حماس:

  • تصنيف الإرهاب: تصنف كل من إسرائيل، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي حماس، كليًا أو جزئيًا، كـمنظمة إرهابية.
  • التصنيفات الإيجابية: في المقابل، تنظر دول مثل روسيا والصين وتركيا إلى حماس بشكل إيجابي، وغالباً ما تعتبرها حركة مقاومة أو طرفاً سياسياً.

التكتيكات العسكرية والترسانة:

  • العمليات العسكرية: شن الجناح العسكري لحركة حماس هجمات ضد المدنيين والجنود الإسرائيليين، وغالباً ما تُوصف هذه الهجمات بأنها أعمال انتقامية، لا سيما لاغتيالات قيادات الحركة العليا.
  • التكتيكات: شملت تكتيكات حماس في الماضي التفجيرات الانتحارية، ومنذ عام 2001، شملت الهجمات الصاروخية.
  • الترسانة الصاروخية: على الرغم من أن ترسانة حماس الصاروخية تتكون بشكل رئيسي من صواريخ القسام قصيرة المدى المصنوعة محليًا، إلا أنها تشمل أيضًا أسلحة بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى مدن إسرائيلية رئيسية مثل تل أبيب وحيفا.
  • الإدانة الحقوقية: أُدينت الهجمات التي تستهدف المدنيين باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من قبل جماعات حقوق الإنسان الدولية مثل هيومن رايتس ووتش.


التطور السياسي والمفاوضات:

موقف حماس من السلام والاعتراف:

صرحت حماس في مناسبات مختلفة بأنها قد تقبل هدنة طويلة الأمد (لمدة 10 سنوات)، شريطة انسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967 والسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين من عام 1948 (بمن فيهم أحفادهم) إلى ما هو الآن إسرائيل.

  • القبول المشروط: أوضحت الحركة أن هذا القبول المشروط لا يعني بأي حال من الأحوال الاعتراف بدولة إسرائيل أو نهاية الصراع.
  • الخلاف الداخلي: كان الجناح العسكري لحركة حماس قد اعترض على أي عرض للتهدئة في السابق.

المشاركة الانتخابية والتداعيات:

  • فوز 2006: في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية التي جرت في يناير 2006، حققت حماس أغلبية في البرلمان، متغلبة على حركة فتح التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
  • شروط الرباعية: بعد الفوز، وضعت اللجنة الرباعية (التي تضم الولايات المتحدة، روسيا، الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي) شروطاً لاستئناف المساعدات الخارجية للسلطة الفلسطينية، هي: الالتزام باللاعنف، والاعتراف بدولة إسرائيل، وقبول الاتفاقات السابقة.
  • الرفض والعواقب: رفضت حماس تلك الشروط، مما أدى إلى تعليق برنامج المساعدات من قبل اللجنة الرباعية، وفرض إسرائيل عقوبات اقتصادية على الإدارة التي تقودها حماس.
  • حكومة الوحدة والفشل: تم تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة رئيس الوزراء إسماعيل هنية لفترة وجيزة في مارس 2007، لكنها فشلت في استئناف المساعدة المالية الدولية، وسرعان ما أدت التوترات إلى معركة السيطرة على غزة في صيف 2007.

توجهات الرأي العام الفلسطيني:

كشف استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للرأي العام عام 2017 أن عنف وخطابات حماس ضد الإسرائيليين لا تحظى بشعبية كبيرة، وأن أغلبية الفلسطينيين يفضلون "قبول حماس حل الدولتين الدائم على أساس حدود 1967".

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال