انتفاضة تشرين الثاني 1952.. إعلان الأحكام العرفية وحل الأحزاب وتعطيل الصحف وإنزال الجيش إلى بغداد واستعمال الشدة مع المتظاهرين



كانت ثورة 23 تموز 1952 المصرية نقطة انطلاق للشعب العراقي وأحزابه وقد أراد الجميع تغير الأوضاع السياسية في العراق تغييراً جذرياً وقد تشجعت الأحزاب العراقية المعارضة بما حدث في مصر وقدمت مذكرات الى الوصي على عرش العراق شاجبة الأوضاع القائمة ومطالبة بالتغيير الجوهري واعتبر بعضها الوصي مسؤولاً عن الوضع الشاذ في البلاد.

وعلى أثر ذلك عقد مؤتمر في البلاط يوم 3 تشرين الثاني 1952 حضره رؤساء الوزارات السابقون ورؤساء الأحزاب وقد تدهور الوضع على أثر وقوع حادثة كلية الصيدلة والكيمياء.

حاولت كلية الصيدلة والكيمياء في بغداد تعديل نظامها لجعل الطالب المعيد في بعض الدروس معيداً في كافة مواضيع صفه.

فاحتج الطلاب وأضربوا يوم 26 تشرين الأول 1952 وأيدهم في إضرابهم طلاب الكليات الأخرى مثل الطب والحقوق والتجارة ولذلك ألغي التعديل وعاد الطلاب الى الدوام يوم 19 تشرين الثاني 1952.

حدث أن إحدى الطالبات لم تشرك في الإضراب فانتقدها بعض الطلاب مما جعل أخاها ورفيقين له يحضرون الى الكلية ويتشاجرون مع إولئك الطلاب فأصيب البعض بجروح مختلفة.

وقيل أن عميد الكلية وأحد المعيدين فيها حرضا هؤلاء الأشخاص الثلاثة على الاعتداء على طلاب الكلية.

استغلت الأحزاب السياسية والطلبة تلك الحادثة وانتشر الإضراب بين الطلاب وقاموا بمظاهرات يوم 20 تشرين الثاني 1952 وحدثت اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة.

وقدم رئيس الوزراء مصطفى العمري استقالة وزارته يوم 21 تشرين الثاني ولكنها لم تقبل حتى يوم 23 تشرين الثاني كما قرر مجلس التعليم العالي إيقاف الدراسة، كما قرر مجلس المعارف إيقاف الدراسة أيضاً.

أذاع الطلاب بياناً هاجموا فيه الفئة الحاكمة وأعلنوا فيه الإضراب حتى تستجاب مطالبهم وهي وجوب الأخذ بالانتخاب المباشر كأساس للانتخابات النيابية القادمة، وكذلك القيام بالإصلاحات الداخلية اللازمة لصيانة الحريات.

واستؤنفت المظاهرات في صباح 23 تشرين الثاني ووقعت بعض الحوادث العنيفة ثم أحرق مكتب الاستعلامات الأمريكي وأحرق مخفر شرطة باب الشيخ.

وفي اليوم نفسه ألف الوزارة الجديدة الفريق الأول الركن نور الدين محمود رئيس أركان الجيش وأعلنت الوزارة الجديدة الأحكام العرفية وحلت الأحزاب وعطلت الصحف وأمر رئيس الوزراء بإنزال الجيش الى بغداد واستعملت الشدة مع المتظاهرين، ولذلك قرر قائد القوات العسكرية منع التجوال في بغداد من الساعة السادسة مساء حتى السادسة صباحاً.