أسباب ومقدمات انهيار الملكية في العراق.. نقض العهود البريطانية للعرب. مصرع الملك غازي وتنصيب الأمير عبد الأله وصياً على العرش. سياسة نوري السعيد الاستبدادية المناهضة للحركات والأحزاب الوطنية



بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى لم يحصل العرب على الأستقلال التام كما وعدهم الحلفاء عندما تأسست الدولة الحديثة لم تكن مستقلة كما رغب العراقيون، بل أقام البريطانيون المحتلون كياناً ضعيفاً ناقص الاستقلال تحت أشرافهم وفرضوا عليه الأنتداب.

وبعد الثورة أستجاب البريطانيون لرغبة العراقيين بتتويج الامير فيصل ملكاً على العراق على أن يوقع أتفاقاً يكون أنتداباً بصيغة معاهدة وحاولوا التخلص من الأنتداب فاضطروا الى توقيع معاهدة عام 1930 وكان أنتقاصاً من أستقلال العراق.

شعر العراقيون بالكراهية لبريطانيا ، ولاسيما لأنها فرضت على الحكم العراقي أشخاصاً من أنصارها مثل نوري السعيد الذي أصبح رجل بريطانيا القوي في العراق والشرق الأوسط.

في حقبة الثلاثينيات وقعت حوادث زادت من كراهية العراقيين لبريطانيا وأنصارها، وفي مقدمتهم نوري السعيد مثل مصرع الملك غازي في ظروف غامضة، ثم تنصيب الأمير عبد الأله وصياً على العرش العراقي وهو من اشد أنصار السياسة البريطانية في العراق.

كانت قضية فلسطين قضية العرب الآساسية وقد أعتبر العرب موقف البريطانيين ونوري السعيد وعبد الأله من أسباب نكبة العرب في فلسطين، ثم قيام الثورة المصرية في 23 تموز1952 كان من العوامل المشجعة على أشتداد المعارضة في العراق ضد البريطانيين والطبقة الحاكمة في العراق.

ويمكن تلخيص أسباب أنهيار الملكية في العراق بما يلي:

1- نقض العهود البريطانية للعرب بعد الحرب العالمية الأولى وفرض الأنتداب وأقامة ملكية موالية، وأستمرار النفوذ البريطاني بعد دخول العراق في عصبة الأمم عن طريق معاهدة 1930 والساسة العراقيين الموالين لبريطانيا، وأدى ذلك الى تصادم العراق مع بريطانيا عام 1941.

2- مصرع الملك غازي وتنصيب الأمير عبد الأله وصياً على العرش ثم ولياً لعهد العراق وهو موالي لبريطانيا وحاول أن يكون ملكاً على سورية.

3- سياسة نوري السعيد، رجل بريطانيا القوي في العراق، الاستبدادية المناهضة للحركات والأحزاب الوطنية.

4- قضية فلسطين.
5- الثورة المصرية والاعتداء الثلاثي على مصر.

6- تنظيم الضباط الأحرار.
7- دور التنظيمات الطلابية والسياسية.

كان للعوامل الخارجية أثر كبير في التأثير على تنظيم الضباط الأحرار وكانت هذه القضايا أحدى أسباب وانهيار النظام الملكي في العراق عام 1958 والمتمثلة بـ(القضية الفلسطينية) والثورة المصرية في 23 تموز 1952 والأعتداء الثلاثي على مصر وصداه في العراق.

فبالنسبة لقضية فلسطين كانت تمثل أحدى مآسي التاريخ الكبرى وقع ظلمها على الأمة العربية عامة وعلى شعب فلسطين خاصة.

وبعد الحرب العالمية الأولى وضعت فلسطين تحت الأنتداب البريطاني.
وخلال هذه الفترة أستمرت معارضة العرب لوعد بلفور والهجرة اليهودية وبيع الأراضي لليهود واستيطانهم في فلسطين وحدثت اضطرابات متكررة خلال 1920-1939، ومنها ثورة فلسطين الكبيرة عام 1936.

وعندما أنتهت الحرب العالمية الثانية لن تستطيع بريطانيا الدولة المنتدبة تنفيذ السياسية التي رسمت في الكتاب الأبيض لعام 1939 وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية وتقرر تعيين لجنة بريطانية للتحقيق وقدمت مقترحات إلا أن العرب واليهود رفضوا هذه المقترحات.

وهاج الرأي العام العربي في مختلف البلدان العربية لما حدث في فلسطين، فكانت هذه القضية التي هزت العرب جميعاً أحدى الأسباب.

أما بالنسبة للثورة المصرية فهي الثورة التي قام بها تنظيم الضباط الأحرار في مصر والتي أدت الى الغاء الملكية وإقامة النظام الجمهوري وتشريع قانون الأصلاح الزراعي وتأميم شركة قناة السويس.

واعتبرت هذه الثورة نقطة الأنطلاق للشعب العراقي وتشجيع ضباط الجيش العراقي بما حدث في مصر وأخذوا يعملون على استكمال تحرير العراق من النفوذ البريطاني وتقويض النظام الملكي والقضاء على نوري السعيد وعبد الأله.

أما عن الاعتداء الثلاثي على مصر وتأثيره في العراق، فقد غضبت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية على قرار الحكومة المصرية بتأميم قناة السويس فشنت إسرائيل هجوماً على الأراضي المصرية وأخذت الجيوش البريطانية والفرنسية والإسرائيلية تهاجم المدن المصرية.
وغضبت البلاد العربية على هذا العدوان.

وفي العراق رحب الشعب العراقي بتأميم قناة السويس وأعلنت الحكومة العراقية الأحكام العرفية في جميع أنحاء البلاد تحسباً للطوارئ واستعداداً لما يقوم به الشعب العراقي في مساندة مصر من مظاهرات واضطرابات وفعلاً حدثت مظاهرات في البلاد تأييداً لمصر ومساندتها ضد العدوان الثلاثي فكان هذا أيضاً أحد العوامل الخارجية التي دفعت الضباط الأحرار للمضيء قدماً نحو تغير النظام الملكي.

أما بخصوص جبهة الاتحاد الوطني فتعتبر عامل داخلي وهي جبهة تكونت من بعض الأحزاب مثل الحزب الشيوعي والحزب الوطني الديمقراطي والاستقلال والمستقلين أيضاً.

وقد كان للاعتداء الثلاثي على مصر ولحوادث العراق المؤيدة لمصر أثرها في تكوين هذه الجبهة وقد أصدرت هذه اللجنة بيانها الأول في 9 آذار 1957 نورد بعض ما جاء فيه أن الوطنيين اجتمعوا ودرسوا الأوضاع الداخلية والخارجية وثبتوا الأهداف التي تعتبر في هذه المرحلة نقطة ابتداء لتحقيق الحرية والاستقلال.

وقد حددت اللجنة الأهداف الوطنية الكبرى وهي تنحية وزارة نوري السعيد وحل المجلس النيابي والخروج من حلف بغداد وتوحيد سياسة العراق مع سياسة البلاد العربية المتحررة، ومقاومة التدخل الاستعماري بشتى أشكاله ومصادره، وانتهاج سياسة عربية مستقلة أساسها الحياد الايجابي وكذلك أطلاق الحريات الديمقراطية الدستورية وإلغاء الأدارة العرفية وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين السياسيين وأعادة المفصولين لأسباب سياسية من الموظفين.

أقرت جبهة الأتحاد الوطني مبادئ اساسية في التنظيم منذ بداية عام 1957، فتكونت للجبهة قيادة سياسية باسم اللجنة الوطنية العليا تضم ممثلاً من كل حزب من أحزاب الجبهة وتكونت كذلك قيادة تنفيذية باسم اللجنة التنفيذية العليا تضم ممثلاً أو أكثر من الأطراف الحزبية تتولى الأشراف على الطبع والتوزيع والاتصال باللجان الأخرى في بغداد وبقية الألوية.