الجفاف.. تدني معدلات هطول الأمطار النقص في الغذاء بما أضطر سكان الريف اللجوء لجحور النمل والاعتماد على ثمار الأشجار

الجفاف ‪Drought‬ هو نقصان معدل هطول الأمطار عن معدل التبخر النتح ‪Evapo-transpiration‬ أي نقصان ما يرد للبيئة من مياه أمطار عن ما تفقده بالتبخر من سطح التربة (التبخر) ومن أوراق النباتات (النتح). ويعبر عنه كدالة لكمية الأمطار ودرجة الحرارة في هيئة مؤشر لجفاف المناخ وفق المعادلة: مؤشر الجفاف=تبخر نتح
حيث هـ كمية هطول الأمطار. حسب ذلك المؤشر ينقسم المناخ الجاف إلي ثلاثة أصناف هي (أ) مناخ شديد الجفاف المؤشر يساوي 03ر0 الأمطار لا تتجاوز 100 ملمتر في العام (ب) مناخ جاف المؤشر 03ر0 ‪–‬ 2ر0 هطول أمطار 100 ‪–‬ 300 ملمتر في العام (ج) مناخ شبه جاف المؤشر 2ر0 ‪–‬ 5ر0 هطول أمطار 300 ‪–‬ 800 ملمتر في العام ‪–‬ منظمة الأغذية والزراعة (1989).
على ضوء هذا التعريف يصبح معظم السودان ذا مناخ جاف من الشمال حتى منطقة السافنا غزيرة الأمطار في الجنوب.
إن ما يهمنا ليس الجفاف فهو سمة تميزت بها بلادنا وجميع بلاد الشرق الأوسط وأفريقيا شمال خط الاستواء. ولكن ما يدعو للقلق هو زيادة حدة الجفاف المرتبطة بأفعال الإنسان.
في هذا المجال يقول الصائم (1991) "لقد تعرضت مواسم هطول الأمطار في السودان لتغييرات مذهلة ومخيفة تمثلت في النقصان المتواصل في معدلات هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة خاصة في أشهر الصيف وتدني الرطوبة الجوية. هذه التغييرات تسير في اتجاه يستبدل المناخ المداري لموسم الأمطار في أواسط السودان لمناخ صحراوي قاس لا يحتمل. لقد بدأ هطول الأمطار الموسمي في التدني منذ عام 1966 بهبوط الإيرادات في عام 1984 إلي 500 مليار متراً مكعباً مقارنة مع الإيرادات السابقة التي تفوق 1000 مليار متراً مكعباً في العام.
إن العلاقة بين الغطاء الغابي والعوامل المؤدية للجفاف تؤكد دون شك بأن الأفعال الراهنة من قطع الأشجار ودمار الغابات ذات ارتباط وثيق بالجفاف الراهن الذي يجتاح المناطق المدارية في أفريقيا".
إن السمة المميزة لنمط هطول الأمطار في المناطق ذات المناخ الجاف هي التذبذب وعدم الانتظام  ‪–‬ استبنق (1953) ومما يدعم حديث الصائم (1991) عن بداية تدني هطول الأمطار من عام 1966 متابعة متوسط الأمطار لكل خمسة سنوات في الفترة من 1930 إلي 1990 في خمس محطات تقع تقريباً علي نفس خط العرض في وسط السودان هي القضارف وودمدني والدويم والأبيض والفاشر. الرسم البياني (3/1) يوضح دورة منتظمة من التدني والارتفاع في المحطات الخمس حتى الفترة 61/65. بدأ المتوسط في الهبوط بشكل واضح مع بداية الفترة 66/70 وقد مضت عشر سنوات من الاستقلال ثم استمر الهبوط بشكل حاد خلال الفترات 71/75 و 76/80 وفيهما اشتد قطع الغابات للزيادة في التوسع الأفقي للزراعة المطرية الآلية مع شعار سلة غذاء العالم والقطع الجائر إبان الحكم الشعبي المحلي والحكم الإقليمي. وقد واكب تدني معدلات هطول الأمطار النقص في الغذاء بما أضطر سكان الريف اللجوء لجحور النمل والاعتماد على ثمار الأشجار والكثير منهم للنزوح لأطراف المدن ونفوق أعداد كبيرة من الثروة الحيوانية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال