السيولة والربحية.. تفادي خطر الإفلاس والتصفية. تغطية النفقات التشغيلية وتحقيق بعض الأرباح للاحتياطيات وإشعار المودعين يالأمان



السيولة والربحية هدفان متلازمان، ومتعارضان في الوقت نفسه، ومبدأ التلازم بينهما ناشئ عن أهمية كليهما لوجود أية مؤسسة واستمرارها، فالسيولة ضرورية لتفادي خطر الإفلاس والتصفية، والربحية ضرورية للنمو واستمرار البقاء، لأن الخسارة ستؤدي إلى تآكل حقوق أصحاب المؤسسة، وبالتالي تصفيتها أما التعارض بين هذين العنصرين، فناشئ من أن تحقق المزيد من أحدهما لا بد أن يكون على حساب الآخر، فالسيولة تتطلب الاقتراب الأكثر من النقد وشبه النقد، والربحية تتطلب الابتعاد الأكثر عنهما، باعتبار أن دخل الاستثمار في الأصول الأقرب إلى النقد، غالبا ما يكون أقل من دخل الاستثمار في الأصول الأخرى الأقل سيولة بحكم ما فيه من مخاطر.

إن مثل هذا التعارض موجود في المصارف التقليدية والإسلامية، فهو يظهر بشكل واضح التعارض بين مصالح المجموعتين اللتين قدمتا للمصرف مصادره التمويلية، وهما حملة الأسهم والمودعين، فالمساهمون يملكون المصرف، ويتطلعون إلى ربحية عالية على استثماراتهم، لذا فهم ميالون إلى التضحية في السيولة لتحسين الربحية، والمودعون قدموا للمصرف الجزء الأكبر من المصادر المالية التي يستعملها، وهم يتطلعون إلى الأمان وإمكانية استرداد أموالهم عند الحاجة إليها دونما صعوبات، لذا فهم ميالون إلى مزيد من السيولة، وهذا يتطلب تضحية من المصرف ببعض الأرباح، وبسبب هذا التعارض، كانت المهمة الصعبة الملقاة على إدارة المصرف هي الموازنة بين السيولة والربحية، إذ دون هذه الموازنة قد يفقد المصرف إحداهما، وهو أمر يصعب التعايش معه.

أما في المصرف المقترح فالتعارض ليس بتلك القوة بين الربحية و السيولة، أو بين المساهمين و المودعين، وذلك لطبيعة المصرف غير الربحية فالمساهمين ليس من مصلحتهم التضحية بالسيولة لتحصيل المزيد من الأرباح، لأن كل ما هو مطلوب من المصرف أن يغطي نفقاته التشغيلية ويحقق بعض الأرباح للاحتياطيات.

أما المودعون فلا بد من إشعارهم بالأمان التام على ودائعهم، لذلك يرى الباحث أن يتبع المصرف سياسة السيولة الآمنة، فالتوسع في تسليف القروض الحسنة سيهدد المصرف دون تعويض ذلك بأرباح أو فوائد فهو لذلك من غير جدوى والأفضل في هذه الحالة إتباع سياسة متحفظة.