حنين بن اسحق.. ساعد بن ماسويه في تحضير الأدوية وترجمة الكتب والمخطوطات واتصل بجبرائيل بن بخيتشوع طبيب المأمون الخاص



حنين بن اسحق (809 - 878 م ) (194 – 265 هـ):
هو أبو زيد حنين بن إسحاق العبادي بفتح العين وتخفيف الباء، والعباد بالفتح قبائل شتى من بطون العرب، اجتمعوا على النصرانية بالحيرة، والنسبة إليهم عبادي.
ينتمي لقبيلة العباد العربية, والده مسيحي نسطوري كان يشتغل بالصيدلة.
ولد بالحيرة, وأقام مدة من الزمن في البصرة, انتقل بعد ذلك إلى بغداد واشتغل بصناعة الطب.
دعاه يوحنا بن ماسويه الى بغداد ليساعده في تحضير الأدوية وفي ترجمة الكتب والمخطوطات ، لكنه اختلف مع ابن ماسويه فغاب عنه فترة تعلم خلالها اللغة اليونانية وأتقنها فأصبح يجيد أربع لغات هي السريانية والعربية والفارسية واليونانية.
عاد إلى بغداد واتصل بجبرائيل بن بخيتشوع طبيب المأمون الخاص، فعرفه وقربه من الخليفة وأصلح بينه وبين ابن ماسويه. ومنذ ذلك الوقت, لازم حنيناً يوحنا بن ماسويه وتتلمذ له واشتغل عليه بصناعة الطب، ونقل حنين لابن ماسويه كتباً كثيرة وخصوصاً من كتب جالينوس، بعضها إلى اللغة السريانية وبعضها إلى العربية، وكان حنين أعلم أهل زمانه باللغة اليونانية والسريانية والفارسية والدراية فيهم، مما لا يعرفه غيره من النقلة الذين كانوا في زمانه، مع ما دأب أيضاً في إتقان العربية والإشتغال بها حتى صار من جملة المتميزين فيها، ولما رأى المأمون المنام الذي أخبر به أنه رأى في منامه كأن شيخاً بهي الشكل جالس على منبر وهو يخطب ويقول أنا أرسطو طاليس, انتبه من منامه وسأل عن أرسطو طاليس فقيل له رجل حكيم من اليونانيين، فأحضر حنين بن إسحاق إذ لم يجد من يضاهيه في نقله، وسأله نقل كتب الحكماء اليونانيين إلى اللغة العربية، وبذل له من الأموال والعطايا شيئاً كثيراً.
ولاه المأمون بيت الحكمة (الذي بناه هارون الرشيد) وكان على شكل مدرسة ومكتبة ودار للترجمة والنسخ.
فقام بترجمة العديد من الكتب مع فريق من المترجمين كانوا يساعدوه في عمله، وليس هذا فحسب بل كان يجوب البلاد (العراق - سوريا - فلسطين - مصر) يبحث عن نوادر المخطوطات.
فقد ترجم حوالي خمسة وتسعون كتابا" إلى اللغة السريانية وترجم ما يزيد عن مائتي مخطوط إلى اللغة العربية هذا بالإضافة إلى مراجعته للكتب والمخطوطات التي كان يترجمها تلاميذه، كما أصلح العديد من الترجمات وأعاد ترجمة ما ترجمه الأقدمون بشكل سيء.
وهكذا وبسبب نشاطه الكبير في ميدان الترجمة استحق وبجدارة لقب شيخ المترجمين.
من أهم تلامذته في الترجمة: عيسى بن يحيى - موسى بن خالد - ابن شقيقته جيش - أبو عثمان سعيد بن يعقوب الدمشقي – يحيى بن هارون.
أهم الكتب التي ترجمها:
1- كتب جالينوس: فقد شغف حنين بمؤلفات جالينوس لذلك قام بترجمة أي كتاب له وقع تحت يده، لذلك يعود له الفضل بنشر أفكار جالينوس في البلاد العربية حيث ترجم له ستة عشر كتاباً.
2- كتب أبو قراط: ترجم كتاب الفصول مع تفسير جالينوس عليه وكتاب الكسر وكتاب الخلع وكتاب جراحات الرأس وكتاب الابيديميا وكتاب الأمراض الوافدة وكتاب في الأخلاق وككتاب في الأهوية والحياة والبلدان وكتاب الغذاء وكتاب طبيعة الإنسان.
3- ترجم كتاب الكنانيسىء لاورويباسيوس وكتابه إلى اونابيوس.
4- كتاب السبع مقالات لبولس الاجنيطي.
5- كتاب المادة الطيبة لديشتوريدس.
6- كتاب الماجسطي ليكليموس الفلووي.
7- بالإضافة لذلك فقد ترجم كتباً في السياسة والفلسفة والطبيعيات لكل من أرسطو وأفلاطون(60).
وقبل أن ننتهي من موضوع الترجمة لابد أن نشير إلى أن المأمون قربه كثيراً له وأجزله العطاء فكان يعطيه مقدار وزن كتابه المترجم ذهباً.
كان حنين بن اسحق طبيباً ماهراً امتاز في الكحالة, وقد ألف كتباً مميزة في الكحالة.
أحصي لحنين أكثر من 47 كتاباً في الطب:
1- كتاب العشر مقالات في العين: يعتبر أول كتاب علمي ظهر في أمراض العين, يضم بعض الرسوم التشريحية التوضيحية لطبقات العين, نال هذا الكتاب شهرة واسعة لذلك اعتمد رئيس المحتسبة سنان بن ثابت بن قرة لامتحان الكحالين زمن الخليفة المقتدر بالله العباسي.
(وقد ألفه لتلميذه وابن أخته حبيش فجمع له المقالات التي كتبها بخصوص العين فكانت تسع مقالات وجعلها كتاباً واحدا,ً وقد أضاف للتسع مقالات الماضية مقالة أخرى ذكر فيها كتبهم لعلل العين، وهذا ذكر أغراض المقالات التي يضمها هذا الكتاب:
المقالة الأولى يذكر فيها طبيعة العين وتركيبها.
المقالة الثانية يذكر فيها طبيعة الدماغ ومنافعه.
المقالة الثالثة يذكر فيها العصب الباصر والروح الباصر وفي نفس الإبصار كيف يكون.
والمقالة الرابعة فيها جمل الأشياء التي لا بد منها في حفظ الصحة واختلافها.
والمقالة الخامسة يذكر فيها أسباب الأعراض الكائنة في العين.
المقالة السادسة في علامات الأمراض التي تحدث في العين.
المقالة السابعة يذكر فيها قوى جميع الأدوية عامة.
المقالة الثامنة يذكر فيها أجناس الأدوية للعين خاصة وأنواعها.
المقالة التاسعة يذكر فيها مداواة أمراض العين.
المقالة العاشرة في الأدوية المركبة الموافقة لعلل العين.
ووجدت مقالة أخرى حادية عشرة لحنين مضافة إلى هذا الكتاب، يذكر فيها علاج الأمراض، التي تعرض في العين بالحديد).
2- كتاب المسائل في العين وهو عبارة عن ثلاث مقالات محررة عل شكل سؤال وجواب وقد ألفه لولديه داود واسحق, وفيه مائتان وتسع مسائل.
3- كتاب المسائل في الطب وهو عبارة عن مقدمة للطب العام, وأيضاً حرره على شكل سؤال وجواب.
4- بالإضافة لذلك فقد ألف كتاباً في النحو وكتاباً في الفلسفة وكتاب في إدراك حقيقة الأديان.
قربه المتوكل وجعله طبيبه الخاص, ولكنه حبس في إحدى القلاع سنة كاملة وذلك لأنه امتنع عن وصف دواء يقتل به أحد أعدا الخليفة وعندما سأله المتوكل عن سبب امتناعه رغم الإغراء والوعيد قال: هما سببان :الدين والصناعة ,أما الدين فأنه يأمرنا باصطناع الخير حتى مع أعدائنا فكيف ظنك بالأصدقاء وأما الصناعة فهي مصنوعة لنفع الجنس البشري.