نظام الحسبة في العصر العباسي.. قيام سنان بن ثابت بفحص الأطباء والجراحين والكحالين والصيادلة حسب الاختصاص في كتب ومقالات كل من جالينوس وحنين بن اسحق



ازداد في العصر العباسي عدد الأطباء والصيادلة الممارسين لمهنة الطب وكان منهم الماهر ومنهم الجاهل الدجال .كذلك كثرت حوانيت العطارين الذين بالأساس يبيعون العطر وتحولوا إلى تحضير الأدوية وبيع العقاقير.
والذي سرع أيضاً بإحداث نظام الحسبة هو أنه سنة 931 م أخطأ أحد الأطباء في بغداد في علاج أحد المرضى مما أدى إلى وفاته وكذلك شاع عن الصيادلة كثرة غشهم. لذلك قام الخليفة العباسي المقتدر بالله (908 -932 م) بإحداث نظام المحتسبة وعين الطبيب سنان بن ثابت بن قره رئيساً لها.
ونظام المحتسبة هذا مشتق أصلا من فكرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي حض عليها الدين الإسلامي. لذلك اقتضى نظام المحتسبة انتخاب أشخاص يوثق بدينهم وأخلاق دون النظر لعملهم لأن عملهم في البداية اقتصر على النصح وحثهم على عدم الغش والخداع. دون أن يكون للمحتسب أي سلطة بالمعاقبة أو المقاضاة. وعليه في حال وجود مخالفات إخبار القاضي, لكن عندما ازداد عدد العاملين في المجال الطبي وشاع الغش والتدنيس في معاملة الناس أصبح من الضروري تعديل نظام المحتسبة ليتحول من إسداء النصح فقط إلى تفتيش ومحاسبة وامتحان.
فكان سنان بن ثابت يقوم بفحص الأطباء والجراحين والكحالين والصيادلة كل حسب اختصاصه في كتب ومقالات كل من جالينوس وحنين بن اسحق, وقد قام عبد الرحمن بن نصر الشيزري سنة 1193 م بوضع كتاب (نهاية الرتية في طلب الحسبة) وقد ذكر فيه أكثر من ثلاثين مهنة طبق عليها نظام الحسبة وقد ركز فيه على الطرق المختلفة لكشف الغش عند الصيادلة. ومن كتب الأخرى التي عالجت نفس الموضوع, كتاب أحكام السوق ليحيى بن عمر الأندلسي, وكتاب الأحكام السلطانية لأبي الحسن الماوردي (القرن الخامس للهجرة) وكتاب لأبن بسام وكتاب لابن الإخوة (القرن الثامن للهجرة), ويذكر الأستاذ بدري حجل في كتابه أن امتحاناً كان يجرى للصيادلة قبل ذلك منذ أيام المأمون وذلك قبل أن يمارسوا مهنة الصيدلة.