الغابات: تنوع الغطاء الشجري وأهميته ودور الإنسان في تشكيله
تُعد الغابات (Forests) أحد أهم النظم البيئية على كوكب الأرض، وهي تلعب دورًا محوريًا في التوازن البيئي والمناخي. إن فهم تعريفها وتطورها وتحدياتها يوضح العلاقة المعقدة بين الطبيعة والنشاط البشري.
تعريف الغابات وتنوعها البيئي:
1. التعريف الشامل للغابة:
تُعرف الغابات بشكل واسع بأنها الغطاء الشجري الذي ينتشر على أي مساحة من سطح الأرض، بغض النظر عن كثافة هذا الغطاء أو خصائصه المحددة. هذا التعريف الشامل يشمل التنوع الكبير في المظاهر النباتية.
2. التدرج في المظهر الغابي:
أدى تباين العوامل الطبيعية مثل المناخ (درجة الحرارة والأمطار)، ونوع التربة، والتضاريس، إلى اختلاف كبير في المظهر الخارجي للغابات وكثافتها:
- الغابات الكثيفة (Dense Forests): مثل الغابات المدارية المطيرة، حيث تكون الأشجار عالية ومتقاربة جدًا ومتشابكة الأغصان، ما يسمح بمرور ضوء قليل جداً إلى أرض الغابة.
- الأدغال (Thickets): تتميز بأن الأشجار فيها تتباعد نسبيًا، وقد تختلط ببعض الشجيرات والنباتات المتسلقة.
- الإحراج (Woodlands): هي مناطق تتباعد فيها الأشجار بشكل كبير، وتغطي الأرض بينها عادةً طبقات من الحشائش والشجيرات.
نتيجة لهذا التنوع، يميل بعض الجغرافيين وعلماء البيئة إلى قصر مصطلح "الغابة" على النطاقات التي تتميز بوجود الأشجار العالية المتقاربة والمتشابكة الأغصان، أي المظاهر الأكثر كثافة.
مساحة الغابات وتاريخ تقلصها:
1. المساحة الحالية للغطاء الغابي:
في الوقت الحاضر، تتراوح مساحة الغابات التي تغطي سطح اليابسة ما بين ربع وثلث إجمالي مساحتها. هذا يعادل حوالي 40.3 مليون كيلومتر مربع.
2. التراجع التاريخي والمستمر:
من المؤكد أن مساحة الغابات في الماضي كانت أكثر اتساعًا مما هي عليه اليوم. وقد شهدت هذه المساحة نقصانًا ملحوظًا على امتداد التاريخ البشري، ويعود هذا التراجع بشكل أساسي إلى الأنشطة البشرية المتزايدة:
- الاحتياجات الزراعية (الغذاء): كان الدافع الأساسي لإزالة الغابات هو توفير الأراضي لـ الحقول الزراعية، لتلبية الاحتياجات المتزايدة للإنسان من الغذاء.
- الحاجة إلى الأخشاب (البناء والصناعة): استخدم الإنسان الأخشاب تاريخياً وفي العصر الحديث بشكل مكثف في:
- البناء: تشييد المساكن والأبنية.
- النقل: بناء الأدوات والسفن.
- الطاقة: استخدام الأخشاب كـ مورد للطاقة (حطب الوقود).
- الصناعات الحديثة: استخلاص الورق وبعض المنسوجات الصناعية من الألياف الخشبية.
الأهمية الاقتصادية: حرفة قطع الأشجار
تُعد حرفة قطع الأشجار (Logging) من أهم الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها الإنسان في النطاقات الغابية عبر الأقاليم المناخية المختلفة.
1. استمرار الطلب على الخشب:
على الرغم من ظهور موارد بديلة حديثة مثل المعادن، والبلاستيك، والورق المضغوط المقوى (الخشب المضغوط)، لا يزال الخشب الطبيعي يستخدم على نطاق واسع في كل من الدول النامية والمتقدمة نظراً لسهولة معالجته، وخصائصه الحرارية، وقيمته الجمالية والاقتصادية.
2. التركيز الجغرافي لقطع الأشجار:
تتركز أنشطة قطع الأشجار على المستوى العالمي بشكل خاص في نصف الكرة الشمالي، وتحديداً في نطاقات:
- الغابات الصنوبرية (Coniferous Forests): مصدر الأخشاب اللينة (Softwood) المستخدمة في البناء والورق.
- الغابات النفضية المختلطة (Mixed Deciduous Forests): مصدر الأخشاب الصلبة (Hardwood) الأكثر استخداماً في الأثاث والديكور.
يتم التركيز بشكل خاص على الأقاليم التي تتمتع باتصال سهل ومباشر بأسواق الاستهلاك الرئيسية، مثل:
- شمال غرب ووسط أوروبا.
- شمال شرق أمريكا الشمالية.
