تمديد العلاج ببدائل النيكوتين (NRT): الآثار الإيجابية على منع الانتكاس الحاد، واستكشاف إمكانية تجاوز الحاجة إلى الأدوية ذات الآثار الجانبية السلوكية القوية

دراسة أمريكية تقترح تمديد علاج لصقات النيكوتين لتحقيق إقلاع طويل الأمد عن التدخين

أشارت دراسة سريرية هامة أجراها باحثون أمريكيون إلى أن تمديد مدة استخدام لصقات النيكوتين قد يكون أكثر فعالية بكثير في مساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين، مقارنة بالفترة القياسية الموصى بها حالياً (عادةً شهرين أو 8 أسابيع). هذا البحث يفتح الباب لإعادة النظر في المبادئ التوجيهية الحالية للعلاج ببدائل النيكوتين.


تصميم الدراسة والمنهجية المتبعة:

لتقييم تأثير مدة العلاج، أجرت الدكتورة كارين ليرمان وزملاؤها من كلية الطب بجامعة بنسلفانيا تجربة سريرية محكمة شملت حوالي 568 شخصًا. تم اختيار المشاركين الذين كانوا يدخنون عشرة سجائر أو أكثر يوميًا لمدة لا تقل عن عام واحد.

تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين رئيسيتين:

  • المجموعة القياسية (8 أسابيع): تلقت هذه المجموعة لصقة نيكوديرم (Nicoderm) النشطة (التي تنتجها شركة جلاكسو سميثكلاين) لمدة ثمانية أسابيع، تلتها لصقة وهمية (Placebo) غير فعالة للفترة المتبقية من الدراسة.
  • مجموعة العلاج الممتد (24 أسبوعًا): استخدمت هذه المجموعة اللصقة النشطة لمدة ستة أشهر كاملة (24 أسبوعًا).

تجدر الإشارة إلى أن الدراسة كانت مزدوجة التعمية (Double-Blind)، مما يعني أن كلاً من المرضى والأطباء لم يكونوا على علم بمن تلقى اللصقة النشطة ومن تلقى اللصقة الوهمية، لضمان أعلى مستوى من الحيادية والدقة في النتائج.


النتائج الفورية: فعالية التمديد على المدى القصير

أظهرت النتائج الأولية التي تم قياسها في نهاية الـ 24 أسبوعًا (نهاية فترة العلاج الممتد) فروقاً جوهرية:

  • كانت احتمالات الإقلاع عن التدخين لدى المشاركين الذين استخدموا اللصقة لفترة الستة أشهر كاملة تعادل ضِعف الاحتمالات مقارنة بأولئك الذين تحولوا إلى اللصقة الوهمية بعد شهرين فقط.
  • أكدت الدكتورة ليرمان أن تمديد فترة العلاج إلى 24 أسبوعًا كان أكثر فعالية بشكل كبير في مساعدة المدخنين على التوقف عن التدخين مقارنة بالمدة القياسية البالغة ثمانية أسابيع.

النتائج طويلة الأمد والاستنتاجات الرئيسية:

عندما قام الباحثون بتقييم النتائج بعد عام كامل من بدء الدراسة، تبين ما يلي:

  • اختفاء الأثر الفوري: لم تكن هناك اختلافات كبيرة في التدابير الرئيسية للتدخين بين مجموعة العلاج الأطول والمجموعة التقليدية. هذا يشير إلى أن الأثر الإيجابي لتمديد العلاج يدوم فقط طالما استمر العلاج نفسه.
  • مؤشر إيجابي للانتكاس: على الرغم من تماثل معدلات الإقلاع بعد عام، لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين استخدموا اللصقة لفترة أطول لم يسجلوا فترات تدخين استمرت لأكثر من سبعة أيام متتالية خلال العام بأكمله. هذا قد يشير إلى أن العلاج الأطول ربما يقلل من شدة الانتكاس أو يحد من تطوره إلى عودة كاملة للتدخين.

الحاجة لإعادة تقييم المبادئ التوجيهية:

خلصت الدراسة إلى أن المدخنين قد يحتاجون إلى فترة علاج أطول أو حتى علاج متكرر (متقطع) لمواصلة الإقلاع بنجاح.

  • أشارت الدكتورة ليرمان بوضوح إلى أن هذه النتائج تستدعي إعادة النظر في المبادئ التوجيهية الحالية بشأن طول مدة العلاج، ودراسة إمكانية تطبيق العلاج طويل الأمد، على الأقل لبعض المدخنين الذين يواجهون صعوبة في التغلب على الاعتماد على النيكوتين.
  • لاحظ الفريق أن النتائج الخاصة بلصقات النيكوتين (التي لا تحتاج وصفة طبية) كانت مماثلة لنتائج الأدوية المضادة للتدخين الأخرى الموصوفة طبياً (مثل زيبان وتشانتكس)، والتي تحمل في المقابل تحذيرات قوية من آثار جانبية محتملة كالاكتئاب أو التغيرات السلوكية.

التوجهات البحثية المستقبلية:

يعمل فريق البحث حاليًا على دراسة نقطتين حيويتين:

  • المدة المثلى للعلاج: تحديد الفترة الزمنية التي يحتاجها المدخن لاستخدام اللصقة لكسر حلقة الاعتماد على النيكوتين بشكل فعال.
  • العلاج المدمج (Combined Therapy): دراسة ما إذا كان استخدام أكثر من علاج في نفس الوقت (مثل لصقات النيكوتين مع أدوية أخرى، أو لصقات النيكوتين مع دعم سلوكي مكثف) يمكن أن يوفر نتائج أفضل وأكثر استدامة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال