تحديد العصر الجاهلي وأولية الشعر.. القصيدة الجاهلية المكتملة التي أرسى مهلهل وامرؤ القيس تقاليدها الفنية ثم أورثوها أجيال الشعراء بعدهما

تحديد العصر الجاهلي وأولية الشعر:

إنّ تحديد عصر أدبي يعتمد أساساً على مجموع الخصائص الفنية المشتركة بصورة عامة في فترة زمنية محددة، وفي بيئة يساعد على انتشار هذه الخصائص فيها علاقاتٌ اجتماعيةٌ، لها أهميتها في توحيد سماتها العامة.
والعصر الأدبيّ يستمد باستمرار تلك الخصائص حيّة شائعة في البيئة، وينتهي أو يتغير بظهور مؤثرات جديدة تنقلها من عصر أدبي إلى عصر أدبي آخر.

إرساء تقاليد القصيدة الجاهلية:

وحين نتحدث عن القصيدة الجاهليّة ينبغي لنا أن نشير إلى أننا نتحدث عن القصيدة المكتملة التي أرسى مهلهل وامرؤ القيس تقاليدها الفنية، ثم أورثوها أجيال الشعراء بعدهما.
أما النماذج التي سبقت هذين الشاعرين، فإن القليل النادر الذي تنقله مصنفات القدامى منها، لا يشير إلى نضج واستواء يتيحان للدراسة فرصة الفوز بما يعين على تحديد أبعاد فكرية وفنية واضحة، وذلك ما يعزز لدينا قيمة الحقائق التي قررها القدامى قبلنا، وضمّنوها نتائج بحثهم في هذه المسألة الدقيقة، كقول ابن سلاّم: "لم يكن لأوائل العرب من الشعر الاّ الأبيات يقولها الرجل في حادثة، وإنما قُصّدت القصائد، وطُوّل الشعر، على عهد عبد المطلب وهاشم بن عبد مناف".

تاريخ الشعر:

وقول الجاحظ: (أما الشعر، فحديث الميلاد صغير السنّ، أول مَنْ نهج سبيلَهُ، وسهّل الطريقَ إليه امرؤ القيس بن حُجْر ومهلهل بن ربيعة.. فإذا استظهرنا الشعر، وجدنا له - إلى أن جاء الإسلام - خمسين ومئة عام، وإذا استظهرنا بغاية الإستظهار، فمائتي عام).
وقول ابن رشيق الذي جمع فيه بين القولين السابقين: "زعم الرواة أن الشعر كلّه إنّما كان رجزاً وقطعاً، وأنه انما قُصّد على عهد عبد المطلب بن عبد مناف، وكان أول مَنْ قصّده مهلهل وامرؤ القيس ، وبينهما وبينَ الإسلام مئة ونيّف وخمسون سنة".

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال