ندوة الوفاق الوطني 1994 في الجزائر.. احترام النظام الجمهوري للدولة. التداول على السلطة. رفض لكل هيمنة واحتكار للغة أو الدين. احترام الحريات الفردية

تميز خطاب 1994بالثنائية: القطيعة (خاصة اعد إعادة الجدولة)  و الحوار بدون استثناء. وقد أدى هذا على المستوى السياسي إلى استعادة تهيئة المؤسسات كنتيجة لأرضية الوفاق الوطني أما على المستوى الاقتصادي فيتمثل في وضع إجراءات متعلقة بسياسة التعديلات الهيكلية.
لقد أعطى المجلس الأعلى للدولة بانتهاء عهدته في 31/01/1994 صلاحيات تنظيم ندوة وطنية للحوار من أجل تعين و بإجماع رئيس الجمهورية. فتأسست لجنة الحوار الوطني المتكونة من 08 أشخاص 05 مدنين و 03 عسكريين و ذلك بتاريخ 13/11/1993 ودورها يتمثل في وضع مشروع أرضية ليناقش أثناء ندوة الوفاق الخاصة بتنظيم المرحلة الانتقالية, و الدعوة لمشاركة كل القوى السياسية بما فيهم FIS الذي اشترط  إمكانية حضوره بإطلاق صراح قادة الحزب عباس مدني و علي بلحاج و عبد القادر حشاني الذين بدورهم أعطوا شروطهم  التي جاءت على لسان رابح كبير و هي:- معاقبة المسئولين عن الأعمال البربرية.
- تحرير كل السجناء السياسيون.
- اختيار دولة محايدة للحوار.
- تشكيل لجنة تفتيش حرة ومستقلة تبحث في جذور الأزمة.
هذه الشروط لم تكن لتقبل من طرف الحكومة و اشترطت لقبول المشاركة في هذه الندوة 04شروط:
- احترام النظام الجمهوري للدولة.
- التداول على السلطة.
- احترام الحريات الفردية.
- رفض لكل هيمنة واحتكار للغة أو الدين.
وامتنع عن حضور الندوة العديد من الأحزاب بسبب عدم اجتماع هيئاتها القيادية أو لعدم قبولها المشاركة في وضع هيئات غير منتخبة كما أعلن حزب جبهة التحرير الوطني ،  كما اشترط البعض ضرورة مشاركة  FIS و اشترط البعض عكس ذلك على اعتبار أنه مصدر إرهاب.
أما موقف الجيش وعلى رأسهم وزير الدفاع , أن الجيش لن يبقى مكتوف اليدين أمام ما يحدث . مع بقائه كحكم لا يمكنه أن ينحاز لأي جهة.
و قد حدد مشروع أرضية الوفاق الفترة الانتقالية ب 03 سنوات , معتبرا أن المصدر القانوني له هو الدستور.
و من أجل إحداث التوازن في السلطات فأصبح من سلطات رئيس الجمهورية تعين نائب أو أكثر. و في حالة وفاة – استقالة أو وجود مانع للرئيس فإنه لا يتم تعويضه إلا عن طريق اتفاق بين المجلس الأعلى للدولة و المجلس الوطني الانتقالي.
و بإعلان الأحزاب: النهضة FFS –FLN-MDA  عدم مشاركتها , ركزت لجنة الحوار الوطني على المجتمع المدني كبديل عن الأطراف السياسية بحيث حضرها أكثر من 1235 جمعية. وتحدثت الصحافة على العديد من الأسماء كان التركيز الأكثر على   بوتقليقة.
ندوة الوفاق: افتتحت الندوة بخيبة أمل العديد من الأحزاب التي انسحبت على إثر تعديل المادة 06 من نص الأرضية التي لم يعد للحضور الحق في المشاركة في تعين رئيس الدولة و إنما الحق هو للمجلس الأعلى للأمن. و قد برر رئيس مكتب لجنة الحوار استمرار الندوة رغم هذا الانسحاب على أنها ندوة إجماع و وفاق و ليست ندوة أحزاب . و انتهت الأشغال المتعلقة بهذه الندوة بدون تعين رئيس الدولة و ترك الأمر كما نصت عليه المادة 06 لكنها مؤكدة على أهداف و مؤسسات المرحلة الانتقالية.
معارضي الحوار: لم تكن هناك معارضة واحدة للحوار و إنما عدة معارضين له سواء كانوا في السلطة أو الجيش أو المجتمع المدني.إذ و بمجرد توليه السلطة أكد ليامين زروال مواصلته للحوار مع كل المعارضة بما في ذلك FIS . فكان رد فعل رئيس الحكومة رضا مالك ضرورة الدعوة إلى القمع و في مارس من نفس السنة اجتمع القادة العسكريون لوضع إستراتيجية لقمع الإسلاميون. و قام المجتمع المدني بعدة مظاهرات في العاصمة و باقي ولايات الوطن قادتها خاصة الحركات النسوية مناهضة للمفاوضات المخجلة مع قتلة الجزائريون و هذا ما عبر عنه سعيد سعدي  رئيس RCD .
و أكثر من ذلك  أحزاب سياسية عديدة جزائرية ك: FLN-FFS-PRA- MDA  و حماس و ممثل عن FIS الذي كان أنور هدام  إلى ندوة حول الجزائر نظمتها الجماعة الكاثوليكية الإيطالية SAINT EGIDIO .لكن السلطة رفضتها و اعتبرتها تدخل في الشؤون الداخلية و أعطيت لها صورة جد سيئة سواء من طرف السلطة أو من طرف الصحف الوطنية .
و قد سمع لأول مرة رأي هؤلاء عن الإرهاب و أدانوا كل الأعمال الإرهابية ضد الشعب و دعوا إلى ضرورة العودة إلى المسار الانتخابي و خرجوا بأرضية ثانية في جانفي 1995 سميت بأرضية روما رفضتها السلطة في مجملها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال