القراءة التشريحية للنص الأدبي.. قراءة أسلوبية بنيوية وصفية وقعت في شيء من الميكانيكية العقيمة لإغراقها في الوصف الأسلوبي

إن (القراءة التشريحية): قراءة (ياكوبسون) و (شتراوس) لقصيدة بودلير (القطط). هي قراءة أسلوبية بنيوية وصفية، وقعت في شيء من الميكانيكية العقيمة لإغراقها في الوصف الأسلوبي الذي يقوم على رصد إحصائي شامل لكل أبنية النص النحوية والبلاغية وكل تركيباته اللغوية، مما جعلها مجرد بيانات إحصائية لما يتضمّنه النص من التراكيب، إذ لم يترك الباحثان أي تركيب داخلي في القصيدة إلا ودرساه، ولم يحاولا التمييز بين ما هو أثر فني وما هو تركيب عادي.
وهذا ما جعل (ريفاتير) يتناول القصيدة نفسها بالتحليل، ناقضاً منهج ياكوبسون وشتراوس ذا الرصد الأسلوبي الشامل، ومقدماً منهجاً نقدياً بديلاً سمّاه (نهج القارئ المثالي). عمد فيه إلى (الاستجابة الذاتية) التي تبدأ من القارئ وتنتهي بالنص. وبذلك يقدم ريفاتير الشعر على أنه (استجابة) من القارئ، والكلمة الشعرية عنده هي (الباعث) لهذه الاستجابة، ولكن بعد أن يتناولها القارئ ويدعها تلج أعماقه لتتلاقى وسياقه الذهني، وبذا تكون الانطلاقة من القارئ إلى النص، وليست من النص إلى القارئ. وهذا أهم فارق بين قراءة ريفاتير وقراءة ياكوبسون، إذ لم يقع (ريفاتير) في غلطة الرصد الميكانيكي، لأنه أدرك أن القارئ لا يستجيب فعلياً لـ(كلّ) أبنية القصيدة. ولذلك فليس من الضروري رصد (كلّ) بنية شعرية فيها، وأي بنية لا تحدث أثراً في القارئ فهي بنية غير مؤهلة للرصد.
ولعل ما جاء به (بيتيت) Pettit هو الحل الأفضل. إذ قال بمبدأ (التوازن الانعكاسي) الذي يقوم على حتمية التوازن بين (البنية) والذوق الجمالي، ولكي تكون البنية خاصية أسلوبية لا بد أن تكون انعكاساً للحس الحدسي الذي نشأ عند القارئ نتيجة استقباله لها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال