تكتسب مشكلة الهجرة في السنوات القادمة، ومن بينها الهجرة غير النظامية وما يترتب على ذلك من تواجد غير نظامي للأشخاص في الدول المهاجر إليها، أبعاداً جديدة لم يسبق لها مثيل في ظل استمرار الانفجار السكاني الكبير في الدول النامية والذي يصاحبه ضعف ونقص مستمر في الموارد والامكانيات الاقتصادية المتاحة، الأمر الذي يزيد من غربة المواطنين في هذه الدول وبخاصة الفقيرة منها في الهجرة من أجل حياة أفضل في الدول المتقدمة صناعياً أو الغنية اقتصادياً، ومنها المملكة العربية السعودية.
وفي تقرير صدر مؤخراً عن صندوق الأمم المتحدة للسكان والتنمية حول "أزمة الهجرة" أسبابها ومستقبلها تبرز الهجرة (بشكليها النظامي وغير النظامي) كتعبير جماعي عن ملايين القرارات الفردية والأسرية بالرحيل، حيث يكمن الحافز عليها أساساً في ظروف الفقر وعدم الأمان الاقتصادي أخذاً في الاعتبار أن قرار الهجرة – حسب ما يؤكده هذا التقرير – يتعلق بالرغبة في تحقيق الأمان للأسرة على المدى الطويل، وليس فقط البحث عن أعلى دخل ممكن . ولأن الهجرة تهدف في الأصل لضمان الأمان والحاجات الأساسية للأسرة، لذلك تصبح ظروف التنمية والمعيشة المتدنية في الدول الفقيرة هي المتسببة في تعاظم معدلات الهجرة في العالم.
وتقدر المنظمات الدولية عدد المهاجرين في العالم بنحو 100 مليون مهاجر، وتصل نسبة المواطنين الذين يعيشون خارج البلاد والتي ولدوا فيها بنحو 2% من مجموع السكان العالمي، ومن بين هؤلاء هناك 17 مليون لاجىء و 20 مليون هارب من أحداث العنف أو كوارث البيئة والجفاف.
وفي هذا المجال يؤكد التقرير المذكور الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان والتنمية أن الهجرات بأنواعها قد أعطت أصحابها ميزات على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. فلقد زادت المدخرات التي يرسلها المهاجرون إلى عائلاتهم للعام 1992م إلى 66 مليار دولار على مستوى العالم لتحتل هذه التحويلات المرتبة الثانية في الاقتصاد العالمي بعد البترول.
ومع ذلك فإن التقرير يحذر من أن نزوح الملايين إلى الخارج يمثل خسارة فادحة لاقتصاديات الدول المستقطبة لهؤلاء المهاجرين. ذلك أن الدول التي تجتذب المهاجرين من البلدان النامية ذات الكثافة السكانية العالية سوف تواجه مشكلة تتمثل في مدى قدرة هذه الدول على استيعاب الأعداد المتزايدة من المهاجرين الذين سيقصدونها في المستقبل، وهو ما قد يجعل من الهجرة وفق هذا التقرير كارثة هذا العصر.
ومما يزيد من مخاطر الهجرة وفي وقتنا الحاضر، وكذلك في المستقبل أنه على العكس من ظاهرة الهجرة في الستينات والتي تميزت بنزوح العمال المهرة المتخصصين فإن الرغبة في التجمع الأسري وتزايد موجات الهجرة غير النظامية جعلت الغالبية العظمى من المهاجرين في الوقت الحالي من العمال غير المهرة.
إضافة إلى أن الشكل المؤقت للهجرة قد انتهى في جزء كبير منه، حيث كان المهاجرون يعودون إلى أوطانهم بصورة منتظمة وهو ما أصبح نادر الحدوث الآن، لأن أغلبية المهاجرين يبحثون عن وسيلة للاستقرار النهائي في المهجر. مؤكدين في هذا المجال بأنه يفضلون العيش في أمان اقتصادي خارج على حياة الحرمان واليأس في بلدانهم.
لقد تناول العلماء ظاهرة الهجرة من حيث أنها ظاهرة من ظواهر العالم كما تناولوها من حيث أنها ظاهرة مرتبطة بأبعاد التغيير والتحول فالهجرة من بلد إلى آخر يؤدي إلى التأثير المتبادل ويؤدي إلى دخول أنماط سلوكية غريبة على دول الاستقبال الأمر الذي يستوجب الحرص على عدم تأثر الدول المستقبلة بالعادات والتقاليد السلبية للمهاجرين إليها.
إن المملكة العربية السعودية شهدت في الآونة الأخيرة كما هو حال كافة دول الخليج العربي إلى تدفق تيارات الهجرة الخارجية مما أدى إلى ارتفاع نسبة العمالة الأجنبية خاصة في المهن الحرفية.
التسميات
هجرة