الملكات التي تسم الذكاءات الإنسانية المتعددة.. أهمية القدرات العقلية العمودية التي تمثل كفايات خاصة في مجال معرفي خاص

لقد ركزت الدراسات الخاصة بقالبية الذهن (modularity of mind) على أهمية الملكات - القدرات العمودية (Les facultés verticales) التي تسم معمار الذهن البشري بالوظيفية (فودور1983).

ذلك أن الملكات الأفقية (Les facultés horizontales) من قبيل الذاكرة والخيال والحكم والانتباه، كما أكد ذلك غال (Gall 1758/1828) هي نسق معرفي تعميمي بل هي "مجرد خيال"، بحيث يجب التركيز على أهمية القدرات العقلية العمودية التي تمثل كفايات خاصة في مجال معرفي خاص كذلك.

وهو الأمر الذي يجعلها تتمايز بالنظر إلى طابعها الخاص لأن الإيواليات النفسية والمعرفية لكل قدرة من تلك القدرات - الكفايات تختلف عن غيرها وفق سياقها وشروطها الضرورية.

فالإيواليات المعرفية لكفاية تأويل المعجم الشعري ليست هي الإيواليات المعرفية لكفاية تأويل الرمزية الصوتية، بل ليست هي نفسها إيواليات كفاية ضربات الجزاء في مباراة لكرة القدم.

فالسياق والوضعية من أهم شروط إنجاز الكفاية.
وهذا ما يؤكد ضرورة استبعاد مفهوم "الملكات الأفقية".

فعلى سبيل المثال إذا قلنا بوجود "قدرة واحدة للذاكرة" فالشخص الذي يتوفر على ذاكرة جيدة بالنسبة لبعض الأشياء والظواهر يجب أن يتوفر حتما على ذاكرة جيدة بالنسبة لجميع المجالات وهو أمر مستبعد معرفيا.

نستنتج مما سبق، أن الكفاية سياقية مختلفة من فرد لآخر بل وللفرد الواحد كفايات متعددة ومختلفة ليس فقط من مجال إلى آخر لكنها متنوعة من وضعية لأخرى داخل المجال الواحد نفسه.

فتلميذ مجتهد ما قد لا يتجاوب مع نشاط ما داخل مجال الرياضيات لأنه لم يستعد بعد معرفيا لإنجازه، بينما هو عنصر نشيط قادر على إنجاز معظم الأنشطة داخل المجال نفسه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال