مساجد المدينة المنورة وآبارها:
المدينة المنورة، أرض النبوة وموطن الهجرة، ليست مجرد مدينة، بل هي قلب تاريخ الإسلام. كل شبر فيها يحكي قصة من قصص البذل والعطاء، وكل معلم يروي سيرة عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام. وبين مساجدها الأثرية التي شهدت بناء الدولة الإسلامية، وآبارها التي ارتوت منها الأجيال، تتجلى عظمة هذا التاريخ المجيد. في هذا الموضوع، نستعرض معًا أهم هذه المعالم الخالدة التي لا تزال شاهدة على فضل هذه البقعة المباركة.
أهم مساجد المدينة المنورة:
تُعد المدينة المنورة مركزًا إسلاميًا عظيمًا، فهي تحتضن عددًا كبيرًا من المساجد التي ارتبطت بتاريخ الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام. ولكل مسجد قصة ومكانة خاصة.
1. المسجد النبوي:
يأتي المسجد النبوي في صدارة مساجد المدينة وأكثرها قداسة. هو ثاني أقدس بقعة في الإسلام بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة. بناه النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته مباشرة، وشهد توسعات كبيرة عبر التاريخ، أبرزها في العهد السعودي. يضم المسجد النبوي الروضة الشريفة، وهي جزء من المسجد تمتد من منبر النبي إلى قبره الشريف، وورد في فضلها قوله صلى الله عليه وسلم: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة". كما يضم المسجد قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبرَي صاحبيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
2. مسجد قباء:
يُعتبر مسجد قباء أول مسجد بُني في الإسلام. . أسسه النبي صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة المنورة في هجرته. يقع جنوب المدينة، وله فضل عظيم، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من تطهَّر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة، كان له كأجر عمرة".
3. مسجد القبلتين:
سمي بهذا الاسم لأن فيه تحولت قبلة المسلمين من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام. . وقع هذا التحول في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة. كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في هذا المسجد، وأُوحي إليه بالتحول أثناء الصلاة، فأدار وجهه نحو الكعبة وأدار معه الصحابة. يقع المسجد شمال غرب المدينة.
4. المساجد السبعة (مساجد الخندق):
هي مجموعة من المساجد الصغيرة التي ارتبطت بغزوة الخندق (الأحزاب) في السنة الخامسة للهجرة. تقع على سفح جبل سلع، وكانت مواضع مرابطة للمسلمين. أشهرها مسجد الفتح، الذي دعا فيه النبي صلى الله عليه وسلم على الأحزاب حتى فتح الله عليه بالنصر.
أهم آبار المدينة المنورة:
كانت آبار المدينة المنورة المصدر الرئيسي للمياه للسكان، وبعضها ارتبط بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة.
1. بئر رومة:
هي أشهر آبار المدينة، وتعود ملكيتها في الأصل ليهودي كان يبيع ماءها. . اشتراها الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد أن حث النبي صلى الله عليه وسلم على شرائها. جعلها عثمان وقفًا للمسلمين، فكانت أول وقف إسلامي. لا تزال البئر قائمة حتى اليوم وتُعرف بـ"بئر عثمان".
2. بئر غرس:
تقع هذه البئر قرب مسجد قباء، ولها فضل كبير؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب منها. كما أوصى صلى الله عليه وسلم أن يُغسَّل بماءها بعد وفاته.
3. بئر عروة (بئر بضاعة):
تُعرف أيضًا بـ"بئر بضاعة"، وتقع في منطقة العقيق. تتميز بغزارة مائها. سُميت بئر عروة نسبة إلى عروة بن الزبير رضي الله عنه، حفيد أبي بكر الصديق. تُعتبر من أهم الآبار التي كانت مصدرًا للمياه في المدينة في صدر الإسلام.
4. بئر البصة:
تقع في منطقة العوالي بالمدينة المنورة، وهي من الآبار التاريخية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيها ويجلس عندها. لا تزال آثارها موجودة.
هذه المساجد والآبار ليست مجرد معالم أثرية، بل هي جزء لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي، وتُذكر المسلمين بالجهد والتضحية التي بذلها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته لبناء صرح الإسلام.