الكوميديا سلاح موليير: دراسة في "ارتجال فرساي" كبيان نظري للدفاع عن أصول التمثيل الواقعي في مواجهة مسرح فندق بورغوني

ارتجال فرساي (L'Impromptu de Versailles) لموليير:

"ارتجال فرساي" هي مسرحية قصيرة من فصل واحد كتبها وأخرجها الممثل والكاتب المسرحي الفرنسي الشهير جان باتيست بوكلان، المعروف باسم موليير (Molière)، عام 1663م.


السياق والتاريخ:

  • تاريخ العرض الأول: عُرضت المسرحية لأول مرة أمام الملك لويس الرابع عشر في قصر فرساي في 14 أكتوبر 1663م.
  • الدافع والتحدي: جاءت المسرحية كرد مباشر وذكي على منتقدي موليير، وخاصة فرقة "فندق بورغوني" (Hôtel de Bourgogne) المنافسة، بعد النجاح الكبير الذي حققته مسرحيته السابقة "مدرسة الزوجات" (L'École des femmes).
  • الأمر الملكي: طلب الملك لويس الرابع عشر من موليير كتابة وتقديم عمل جديد في وقت قصير جداً، وكأنها عملية "ارتجال" أمام الجمهور، وهو ما استغله موليير ببراعة في بناء مسرحيته.


خصائص المسرحية الرئيسية:

1. مسرحية داخل المسرحية (Mise en abyme):

  • تُعد "ارتجال فرساي" مثالاً كلاسيكياً لأسلوب "المسرحية داخل المسرحية".
  • يدور العمل في قاعة مسرح بقصر فرساي، حيث يُفترض أن فرقة موليير تستعد لتقديم مسرحية جديدة بناءً على طلب الملك، بينما تدور المناقشات والجدالات حول الأداء والتمثيل والنقد.

2. الرد على النقاد:

  • الهدف الأساسي من المسرحية هو الدفاع عن فنه وخطابه المسرحي والرد على خصومه.
  • يضع موليير على ألسنة ممثليه نقداً ساخراً للمسرح المنافس في "فندق بورغوني"، تحديداً لأسلوبهم في الأداء المبالغ فيه، ونبرة الصوت المصطنعة، وابتعادهم عن تمثيل الحياة الواقعية.
  • يُدافع موليير عن الكوميديا الواقعية التي يقدمها، مؤكداً أن هدف الكوميديا هو "تصوير العادات الإنسانية" وإضحاك الجمهور لتصحيح العيوب.

3. الارتجال المُنظّم:

  • العنوان نفسه "الارتجال" يحمل سخرية، فالمسرحية كانت مكتوبة بدقة رغم ادعاء الارتجال.
  • موليير يقدم نفسه في دور "المخرج" أو "رئيس الفرقة" الذي يُلقن الممثلين أدوارهم في اللحظة الأخيرة، مما يعكس مهارته في الجمع بين فكرة الارتجال والعرض المكتمل.
  • أغلب الحوار يدور حول شرح الشخصيات وطريقة أدائها، بدلاً من وجود حبكة درامية تقليدية.

4. شخصيات واقعية (شخصيات حقيقية على المسرح):

  • الشخصيات في المسرحية هي الممثلون الحقيقيون لفرقة موليير، ويظهرون بأسمائهم الحقيقية (مثل موليير نفسه، مادلين بيجار، لا غرانج، إلخ).
  • يقوم الممثلون بتمثيل شخصيات فرقتهم الحقيقية، ثم ينتقدون ويقلدون شخصيات وهمية تمثل خصومهم.

أهمية العمل:

تُعتبر "ارتجال فرساي" قطعة مسرحية نادرة ومهمة لأنها:

  • بيان نظري: تقدم رؤية موليير الواضحة والمباشرة لفن الكوميديا والتمثيل، وتُعتبر وثيقة هامة عن نظريته المسرحية.
  • توثيق لفريقه: تُلقي الضوء على العلاقة بين موليير وفريقه، وطريقة عملهم كفرقة مسرحية متحدة.
  • معركة فنية: توثق جانباً من المعارك الفنية والأدبية التي دارت في البلاط الفرنسي في القرن السابع عشر.


الفرق بين "ارتجال فرساي" و "معاهدة فرساي"

يُعدّ مصطلح "فرساي" مرتبطًا بحدثين تاريخيين مختلفين تمامًا، أحدهما فني مسرحي والآخر سياسي دولي، كلاهما وقع في قصر فرساي الشهير بفرنسا.

1. ارتجال فرساي (L'Impromptu de Versailles):

"ارتجال فرساي" هو عمل مسرحي كتبه وأخرجه الكاتب الفرنسي العظيم موليير.

  • الطبيعة: مسرحية كوميدية قصيرة من فصل واحد.
  • التاريخ: يعود تاريخها إلى عام 1663م، أي أنها تنتمي إلى القرن السابع عشر.
  • العلاقة بـ فرساي: سُميت بهذا الاسم لأنها عُرضت لأول مرة في قصر فرساي أمام الملك لويس الرابع عشر، وكانت بمثابة دفاع فني لموليير عن أسلوبه في الكوميديا وردًا على النقاد.

2. معاهدة فرساي (Traité de Versailles):

"معاهدة فرساي" هي اتفاقية سياسية دولية كبرى.

  • الطبيعة: معاهدة سلام دولية.
  • التاريخ: تم التوقيع عليها عام 1919م، وتنتمي إلى القرن العشرين.
  • العلاقة بـ فرساي: سُميت بهذا الاسم لأن مراسم التوقيع تمت في قاعة المرايا بقصر فرساي، وكانت تهدف إلى إنهاء حالة الحرب رسميًا بين دول الحلفاء وألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى.


ملخص:

في حين أن "ارتجال فرساي" تمثل عملاً فنيًا يعكس الصراعات الأدبية في بلاط لويس الرابع عشر في القرن السابع عشر، فإن "معاهدة فرساي" تمثل حدثًا سياسيًا مصيريًا وضع شروط السلام بعد الحرب العالمية الأولى في القرن العشرين.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال