السيميولوجيا بين علم العلامات والسيمياء والدلائلية.. اللغة نظام من الإشارات التي يعبر بها عن الأفكار

في عرضه (للسيميولوجيا) يعترف الباحث عبد الله الغذّامي بحيرته في تبني مصطلح لها، بعد أن رأى اضطراب المصطلح عند المترجمين العرب، بين (علم العلامات) عند المسدّي في كتابه (الأسلوبية والأسلوب)، و(السيمياء) عند نصرت عبد الرحمن في كتابه (النقد الحديث)، وسعد مصلوح في كتابه (الأسلوب)، و(الدلائلية) عند الطيب البكوش في تعريبه لكتاب جورج مونين (مفاتيح الألسنية).

كما يعترف بما يخامر هذا العلم من ضبابية، بسبب اتساعه وشموله، مما جعله يتداخل مع علوم كثيرة من أهمها الألسنية.

ورائدا هذا العلم هما الفيلسوف الأمريكي  (بيرس) (1839 –1914)، والعالم الألسني (فرديناند سوسير) (-1913).

وإذا كان الأول قد تناول السيميولوجيا من وجهة نظر فلسفية، فإن الثاني تناول السيميولوجيا من وجهة نظر لغوية، فقال: إن اللغة نظام من الإشارات التي يعبر بها عن الأفكار.

ولذا فإنها تشبه نظام الكتابة، وأبجدية الصمّ والبكم والطقوس الرمزية، ومظاهر الأدب والشارات العسكرية... إن علماً يدرس حركة الإشارات في المجتمع لهو علم قابل للتصوّر، وسيكون هذا العلم جزءاً من علم النفس الاجتماعي، وبالتالي من علم النفس العام.

وسأدعو هذا العلم سيميولوجيا (من المصدر الإغريقي  Semein) هذا العلم سيوضح مكونات الإشارات والقوانين التي تحكمها.

ولأن هذا العلم لم يوجد بعد، فإنه لن يمكن لأحد أن يتنبأ ماذا سيكون؟ ولكنه يملك الحق في أن يكون.

والألسنية هي فرع منه. والقوانين التي تكشفها السيميولوجيا ستكون قابلة للتطبيق على الألسنية.

تلك كانت نبوءة سوسير في مطلع القرن العشرين في كتابه الذي ضمّ محاضراته في الألسنية التي نشرها تلامذته بعد وفاته بثلاث سنوات (عام 1916)، ومنذ ذلك الحين والسيميولوجيا تسير جنباً إلى جنب مع الألسنية حتى ليصعب فصلهما عن بعضهما بعضاً.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال