العناية بالأولاد وتربيتهم وعدم إهمالهم لتجنب فساد أخلاقهم

إنَّ نعم الله -عز وجل- لا تحصى, وعطاياه لا ُتعد, ومن تلك النعم العظيمة وأجلها نعمةُ الأولاد, قال الله -تعالى-:
} الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا{[الكهف:46 ]  
ولا يَعرفُ عِظَم هذه النعمة إلا من حُرِم منها, فتراه ينفق ماله ووقته في سبيل البحث عن علاجٍ لما أصابه.
وهذه النعمة العظيمة هي أمانةٌٌ ومسئوليةٌٌ, ُيسأل عنها الوالدان يوم القيامة, أحَفِظا أم ضيَّعا؟ وزينة الذرية لا يكتمل بهاؤها وجمالها إلا بالدين وحسن الخُلق, و إلا كانت وبالاً على الوالدين في الدنيا والآخرة.
يقول الرسول ص «كلكم راعٍ, وكلكم مسئولٌ عن رعيته:فالإمام راعٍ وهو مسئول عن رعيته, والرجل راعٍ في أهله وهو مسئول عن رعيته» [متفق عليه].
وهذه الرعية أمانةٌ, حذر الله –عز وجل- من إضاعتها والتفريط في القيام بحقها, قال – تعالى-} إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً{ [الأحزاب:72].
وقال- تعالى-:}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا{ [التحريم: 6].
قال ابن القيم- رحمه الله -: «فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه, وتركه سُدًى, فقد أساء غاية الإساءة؛ وأكثر الأولاد إنَّما جاء فسادهم من قِبَلِ الآباء وإهمالهم لهم, وترك تعليمهم فرائض الدين وُسننه, فأضاعوهم صغاراً, فلم ينتفعوا بأنفسهم, ولم ينفعوا آباءهم كباراً».
وقد سارع الأنبياء إلى تربية أبنائهم وتفقد أحوالهم, هذا يعقوب -عليه السلام- وقد اقترب أجله يسأل بنيه ليطمئن على سيرهم على التوحيد بعد موته: }مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي{ وقرت عينه عندما أجابوا: } قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {[البقرة: 133].
وهذا إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام- يدعوان الله عز وجل: } رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ { الآية.[ البقرة: 128]، وهذا الدعاء من إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام- كما أخبر الله عن عباده:} رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا{ [الفرقان:74].
قال ابن كثير - رحمه الله -: «وهذا القدر مرغوب فيه شرعًا فمن تمام محبة الله أن يحب أن يكون من صلبه من يعبد الله وحده لا شريك له».
واشتد حرص السلف على مباشرة تربية أبنائهم والقيام بهذه المهمة العظيمة ومن ذلك ما ذكر عن الخليفة العباسي المنصور أنه بعث إلى من في السجن من بنى أمية يقول لهم: «ما أشد ما مر بكم في هذا السجن؟» قالوا: «ما فقدنا من تربية أبنائنا».
ومع الأسف أن بعض من حرص على أمر التربية جعلها للأبناء دون البنات ونسي أن الأمانة واحدة و السؤال عن الجميع, وغفل عن أن ابنته اليوم هي أم المستقبل التي تنجب بإذن الله من يرفع الله بهم الإسلام, وفى إهمال تربية البنت توجيه ضربة قاصمة للمجتمع المسلم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال