لقد كان لهذه التبدلات السريعة والفظة دور في عدم الاستقرار لدى القادة السياسيين، في الواقع، إذ يشعرون، في معظمهم، بأنه قد تم تجاوزهم من قبل العولمة التي أعدت قواعد جديدة للعبة، وجعلهم عاجزين علناً، لأن السادة الحقيقيين للعالم لم يعودوا هؤلاء الذين بأيديهم السلطة السياسية.
لهذا، فقد تجرأ المواطنون على تجاوز السلطات الجديدة، حصل ذلك، في شهر كانون الأول عام (1999)، بمناسبة قمة منظمة التجارة الدولية في ستيل (SEATTLE). كما في براغ ـ ودافوس (سويسرا)، ونيس (فرنسا)، وكيبك (كندا)، أو في جين. والمواطنون مقتنعون تماماً، أن هدف العولمة الليبرالية، هو في النهاية. تدمير النزعة الجماعية، وتملك القطاعات الخاصة للدوائر العامة والاجتماعية من قبل ا لسوق، حتى مطلع الألفية الثالثة. لهذا قررت الجماهير معارضتها والدفاع عن مصالحها.
ملاحظة أخرى: إن التفوق الجيوسياسي، وممارسة دور القوة الفائقة في عصر الليبرالية الجديدة (NEOLIBÉRALISME)، لن يضمن مطلقاً، مستوى تنمية إنسانية مرضية، لجميع المواطنين، ففي بلد غني أيضاً، مثل الولايات المتحدة الأمريكية. هناك (32) مليون شخص، من بين السكان، يصل العمر المتوسط لديهم، إلى أدنى من (60) عاماً، كما يوجد (40) مليون مواطن، ليس لهم تغطية صحية، ويعيش (45) مليون دون مستوى عتبة الفقر. وهناك (52) مليوناً من الأميين.... وبالطريقة نفسها، هناك اليوم (50) مليون فقير و (18) مليون عاطل عن العمل، في نطاق الاتحاد الأوربي.
وأما على المستوى العالمي، فيبقى الفقر هو القاعدة، والرغد هو الاستثناء. وأصبحت ظاهرة عدم المساواة أو التفاوت، في الدخل، إحدى الميزات البنيوية في هذا الزمن، وهذه الظاهرة تتفاقم على الدوام. ويبتعد فيها الفقراء عن الأغنياء. وتمثل الـ(225) شركة الأضخم، والأكثر غنى في العالم، تمثل ما مجموعه أكثر من (1000) مليار دولار، أي ما يعادل الدخل السنوي لـ(47%) من الأشخاص الأشد فقراً من سكان الكرة الأرضية، أي الـ(2,5) مليار شخص). وهناك أفراد عاديون، هم أكثر غنى من الدول اليوم، حيث يتجاوز الإرث الخاص لـ "خمسة عشر شخصاً، الأكثر ثراء، على وجه الأرض، يتجاوز الإنتاج الداخلي لخام /PIB)(4) الإجمالي لمجموع البلدان الأفريقية، شبه الصحراوية.
موسى الزعبي
التسميات
عولمة