دور الإنسان في التاريخ عند هيغل وسارتر.. التاريخ بناء متجدر في طبيعة الإنسان يتجه نحو تحقيق ما هو كوني

إن التساؤل عن دور الإنسان في التاريخ هو استمرار للتساؤل حول منطق التاريخ، فهل يمكن اعتبار الإنسان بالفعل هو صانع التاريخ؟

يعتقد هيغل أن التاريخ يعرف صيرورة تعبر فيها الفكرة المطلقة عن ذاتها، كما أن العظماء من الناس يدركون أن وجودهم لا يتحدد في تحقيق غايات خاصة بهم.

فالتاريخ ليس تحقيقا لما ينجزه الناس من أفعال راهنية، وإنما التاريخ بناء متجدر في طبيعة الإنسان يتجه نحو تحقيق ما هو كوني، وإذا انتهى الأبطال والعظماء إلى الموت الذي هو مصيرهم، فلا تبقى سوى الغايات التي من أجلها كرسوا أنفسهم.

إن التصور الهيغلي لدور الإنسان في بناء التاريخ هو تصور جبري، لأن هيغل يعتقد أن الكون هو استلاب للفكرة المطلقة، ومن ثم تكون جميع أفعال الإنسان تعبير عن تلك الروح الموضوعية (التي يجب أن تعود إلى أصلها) التي تعبر عن نفسها في جميع منجزات الإنسان.

وعلى عكس ذلك حاول سارتر أن يؤكد أن الإنسان هو الذي يصنع تاريخه، وبهذه الكيفية يعيد الفيلسوف النظر في المفهوم الماركسي للتطور، لأن سارتر يرفض أن تتحكم الشروط الموضوعية في الناس وإلا أصبحوا مجرد آلات، وينطلق من أن الإنسان يتميز بقدرته على تجاوز الأوضاع القائمة، ويغير من تأثير الشروط المادية باعتباره مشروعا.

فالمشروع يمثل قدرة الإنسان على الخلق والإبداع ضمن حقل الممكنات التي تنفتح أمام الذات، هكذا يكون الإنسان هو صانع تاريخه من خلال قدرته على تجاوز وضعه الراهن، وممارسة مشروعه من خلال التعبير عن حريته في اختيار إحدى الممكنات وتحقيقها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال