مقارنة تفصيلية بين الجبال الانكسارية والجبال الالتوائية: التكوين والمظهر
تُظهر الجبال الانكسارية (Fault-Block Mountains) والجبال الالتوائية (Fold Mountains) اختلافًا جوهريًا وواضحًا، لا يقتصر فقط على مظهرها الخارجي، بل يمتد إلى الآليات الجيولوجية التي أدت إلى نشأتها، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمرونة وقوة صخور القشرة الأرضية.
1. الجبال الالتوائية: نشأة الصخور المرنة
تتكون الجبال الالتوائية في مناطق تشهد قوى ضغط (Compression) هائلة، وتتميز بالخصائص التالية:
- بيئة التكوين: تنشأ في الغالب في المناطق التي كانت مغطاة في السابق بـإرسابات بحرية (Marine Sediments). هذه الإرسابات تتكون من صخور رسوبية تكونت عبر ملايين السنين، وهي عادة ما تكون ليّنة أو مرنة نسبياً.
آلية التكوين: عندما تتعرض هذه الطبقات الليّنة لقوى ضغط جانبية ضخمة ناجمة عن حركة الصفائح التكتونية المتقاربة، فإنها لا تتكسر، بل تنثني وتلتوي للأعلى والأسفل، مكونة ما يُعرف بالطيّات (Folds):
- الطيات المحدبة (Anticlines): تمثل قمم الجبال المرتفعة.
- الطيات المقعرة (Synclines): تمثل الوديان المنخفضة.
- المظهر الخارجي: تتميز بمظهر أكثر استدارة وتموجًا وقمم متعرجة بفعل عوامل التعرية على مر الزمن.
2. الجبال الانكسارية: نشأة الصخور الصلبة والقصور (Fracture)
على النقيض تمامًا، تتكون الجبال الانكسارية في مناطق تفتقر إلى المرونة، وتتكون بفعل آليات جيولوجية مختلفة:
- بيئة التكوين: تتكون هذه الجبال في مناطق تتألف من صخور بالغة الصلابة والقوة (كالصخور النارية أو المتحولة القديمة)، والتي استطاعت أن تقاوم قوى الضغط والالتواء لفترة طويلة دون أن تنثني.
آلية التكوين: عندما تتجاوز قوى الضغط أو الشد قدرة هذه الصخور الصلبة على المقاومة، فإنها تتكسر (Fracture) على طول خطوط ضعف تُسمى الصدوع (Faults). هذه الحركة التكتونية تُصاحبها:
- هبوط (Subsidence): هبوط بعض الكتل الصخرية (تُسمى الأخاديد أو الخسف - Graben).
- اندفاع للأعلى: صعود الكتل المجاورة (تُسمى الجبال الانكسارية أو السواتر - Horst).
- المظهر الخارجي: تتميز بقمم أكثر حدة وجوانب شديدة الانحدار، حيث يتضح خط الصدع الذي يفصل الكتلة المرتفعة عن الكتلة الهابطة.
- النشاط المصاحب: غالباً ما يصاحب هذا التكسر والهبوط اندفاع للصخور المنصهرة (الماجما) من باطن الأرض إلى السطح أو بالقرب منه، مما يزيد من تعقيد البنية الجيولوجية ويسبب نشاطاً بركانياً أو زلزالياً.
3. المثال الجيولوجي الكبير: قارة جندوانالاند والأخدود الإفريقي
يُعد تكوين الأخدود الانكساري العظيم في أفريقيا وآسيا خير مثال على الجبال الانكسارية:
- المنطقة الجيولوجية: نشأت هذه الظواهر في منطقة الارتباط بين قارتي آسيا وأفريقيا، وتحديداً في المنطقة التي كانت جزءًا من القارة الأم القديمة جندوانالاند (Gondwanaland).
الآلية والتكوين: أدت قوى الشد والابتعاد (بدلاً من الضغط) في هذه المنطقة إلى تكسر ضخم في القشرة القارية الصلبة، نتج عنه:
- البحر الأحمر (Red Sea Rift): تكون نتيجة لـهبوط (Graben) واسع النطاق للأرض، مما أدى لغمر المياه وتكوين حوض مائي يمثل أخدوداً انكسارياً ضخماً.
- الأخدود الإفريقي العظيم (Great Rift Valley): وهو نظام من الصدوع والأخاديد الممتدة لآلاف الكيلومترات، حيث ترتفع كتل صخرية على جوانبه لتشكل سلاسل جبلية انكسارية (مثل جبال شرق أفريقيا)، بينما تهبط الكتل الوسطى لتكون أودية سحيقة.
