شرح وتحليل النص القرائي الأبعاد الحضارية للثقافة المغربية لمحمد العربي الخطابي - في رحاب اللغة العربية - السنة الثانية إعدادي

تحليل النص القرائي: الأبعاد الحضارية للثقافة المغربية

إن تراثنا الثقافي المغربي، المدون والمنقول بالسماع والمشاهدة، يتكون أساسا من الثقافة الإسلامية العربية المدونة في غالب الأحيان، ومن التراث الأمازيغي بعناصره المختلفة، وهو سماعي في الأغلب الأعم، ومن ملامح التراث الإفريقي الزنجي.

ثم إن هناك تأثيرا آخر مصدره ثقافة شعوب البحر الأبيض المتوسط، الشمالية منها على الخصوص، فنحن تعرف ارتباط بلادنا، منذ القدم، بإسبانيا والبرتغالي عبر مضيق جبل طارق. ولا شك أن هذا الارتباط التاريخي قد أحدث تأثيرا متبادلا ليس من الصعب علينا أن نلمسه في فنون العمارة والموسيقى وفي مجال العادات، كما نلمسه في السحن والخصائص البشرية وأسماء الناس وغير ذلك.

ومما لا شك فيه أن الثقافة الإسلامية العربية هي أكثر تلك التيارات المتداخلة عمقا ووضوحا. ولهذا ليس في مقدورنا أن نتصور وجود ثقافة مغربية بمعزل عن ثقافة أشمل وأرحب، هي الثقافة الإسلامية العربية التي صبغت المغاربة بصيغتها المتميزة وجعلت منهم وحدة عضوية ونفسية ووجدانية متماسكة، وأعطتهم مكانتهم في ساحة الدول وتاريخ الحضارات.

أما التأثير الأمازيغي الأصيل، فنحس به في طبائعنا وتصرفاتنا ونظرتنا الخاصة إلى الحياة، كما نلمسه في صيغ الألفاظ والجمل التي نستعملها في حياتنا اليومية، ونتبينه في معالم البناء وفنون العمارة والغناء والموسيقى والرقص، وفي اللباس والطعام.

وإذا كان المغاربة، منذ أن أوجدهم الله على أرضهم الطيبة ذات الجبال والسهول والسواحل البحرية والصحارى، ينزعون إلى الانحدار جنوبا نحو أعماق القارة الإفريقية، استجابة لنداء خفي ينبعث من قرارة نفوسهم، فقد أمدوا الثقافة الزنجية برفد فكري وروحي، كما أخذوا عنها ما شاء الله لهم أن يأخذوا. وبعض آثار هذا التبادل الثقافي الخلاق واضحة من جهتي الصحراء، شمالا وجنوبا.

وكما انصهر المغاربة، أمازيغ وعربا وأندلسيين وأفارقة، انصهارا تاما في بوتقة واحدة من جهة الدم والعنصر البشري ونمط المعيشة، فإنهم، بفضل الإسلام، امتزجوا روحيا وفكريا فأصبحت لهم مثل في الحياة واحدة، وقيم لا يختلفون فيها.

أولاً: التعريف بالكاتب والعتبات النصية

1. صاحب النص:

صاحب النص هو محمد العربي الخطابي، كاتب مغربي وُلد في تطوان سنة 1929. يُعرف الخطابي بأنه كاتب متعدد الاهتمامات، مما يعكس خلفية ثقافية واسعة تسمح له بتقديم تحليل عميق لموضوع مثل التنوع الثقافي المغربي.

2. العنوان: "الأبعاد الحضارية للثقافة المغربية"

  • تحليله التركيبي: يتكون العنوان من مركبين وصفيين (الأبعاد الحضارية، الثقافة المغربية) يربط بينهما حرف الجر "اللام" (للاختصاص). يشير هذا التركيب إلى أن النص سيفصل الخصائص الحضارية التي تخص وتحدد الثقافة المغربية.
  • تحليله الدلالي: يشير العنوان مباشرة إلى المكونات الحضارية المتعددة التي شكلت الثقافة المغربية عبر التاريخ، مؤكداً على عمق هذه الثقافة وامتداداتها المختلفة.

3. فرضيات النص:

بناءً على تحليل العنوان، يمكن افتراض أن النص سيتناول المحاور التالية:

  • تعريف بمكونات الثقافة المغربية: تحديد المكونات الرئيسية التي أسهمت في تشكيل الهوية الثقافية.
  • التركيز على المكون الأوضح: بيان أي من هذه المكونات يترك الأثر الأعمق والأكثر وضوحاً في الحياة اليومية للمغاربة.
  • آلية الانسجام: شرح الكيفية التي تم بها دمج وانسجام هذه المكونات المختلفة والمتنوعة في بوتقة ثقافية واحدة.

4. توضيح المصطلحات اللغوية

  • السحن: الهيئة واللون والمظهر الخارجي للشخص.
  • الانحدار: النزول إلى أسفل، ويشير هنا إلى الأصل أو النسب.
  • قرارة: العمق أو القاع، ويُستخدم لوصف الأثر العميق أو الأصيل.
  • رفد: العطاء أو الدعم أو الإمداد.
  • بوتقة: وعاء يُستخدم في الصياغة لإذابة وخلط المعادن، ويُستخدم مجازياً للإشارة إلى الوعاء الذي تنصهر فيه الثقافات وتتوحد.


ثانياً: الأفكار العامة والأساسية (المضمون)

الفكرة العامة:

التراث الثقافي المغربي هو مزيج فريد ومنصهر من عدة روافد حضارية تشمل الثقافة العربية الإسلامية، والتراث الأمازيغي الأصيل، والتبادل مع الثقافات الزنجية جنوب الصحراء، والانفتاح على ثقافات شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط (بما في ذلك الثقافة الإسبانية).

الأفكار الأساسية والقضايا الفكرية:

  • المحورية الإسلامية والعربية:

  1. يُشير الكاتب إلى أن الثقافة المغربية تأثرت وتأصلت بـالثقافة العربية الإسلامية.
  2. يؤكد أن الثقافة الإسلامية هي المكون الأكثر تداخلاً وعمقاً مع الثقافة المغربية، وتشكل الإطار الروحي والفكري الجامع لها.
  • التأثير الأمازيغي الأصيل:

  1. يُبرز الكاتب التأثير الأمازيغي الأصيل في الحياة الخاصة والعامة للمغاربة.
  2. نلمس هذا التأثير بوضوح في التقاليد، العادات، وصيغ الألفاظ والدارجة المغربية.
  • التبادل الحضاري مع إفريقيا جنوب الصحراء: 

    يؤكد النص على وجود تبادل حضاري حيوي ومستمر مع الثقافات الزنجية القادمة من جنوب الصحراء، مما أثرى النسيج الاجتماعي والثقافي المغربي.
  • الانسجام والوحدة بفضل الإسلام:
  1. يُشير الكاتب إلى أن النتيجة النهائية لجميع هذه التداخلات هي امتزاج الأجناس والثقافات المغربية وتوحدها.
  2. يشدد على أن الفضل الأكبر في انصهار كل هذه الثقافات وتوحدها يرجع إلى راية الإسلام، التي أوجدت امتزاجاً روحياً وفكرياً تجاوز الفروقات العرقية والأصول.

ثالثاً: التحليل والاستثمار (التوسيع والربط)

يتناول النص القرائي "الأبعاد الحضارية للثقافة المغربية" للكاتب محمد العربي الخطابي، الذي وُلد بتطوان سنة 1929، التكوين الثقافي الفريد للمغرب. يؤكد العنوان، بتركيبه الوصفي المتخصص، على أن النص سيفكك الخصائص الحضارية التي تُعرِّف الثقافة المغربية وتُحددها، مُفترضاً أنه سيعرّف مكوناتها، ويسلّط الضوء على أثرها، ويوضح كيفية انسجامها.

الروافد التكوينية للهوية المغربية:

تتمحور الفكرة العامة للنص حول أن التراث الثقافي المغربي هو في جوهره مزيج منصهر من عدة روافد عالمية وإقليمية، حيث يمثل المغرب نقطة التقاء وانصهار بين ثقافات متنوعة.

المكونات الرئيسية:

  • المحور الإسلامي العربي: يعتبر الكاتب الثقافة العربية الإسلامية هي المكون الأكثر تداخلاً وعمقاً مع الثقافة المغربية، إذ تشكل الإطار الروحي والفكري الجامع الذي تنصهر فيه جميع الروافد الأخرى.
  • الأصالة الأمازيغية: يُبرز الكاتب التأثير الأمازيغي الأصيل كعنصر حاضر بقوة في الحياة الخاصة والعامة للمغاربة، ويُلمس هذا التأثير بوضوح في التقاليد، العادات، وصيغ الألفاظ المتداولة في اللغة الدارجة.
  • الانفتاح العالمي والمحلي: يتأكد انفتاح الثقافة المغربية عبر مزجها بـالثقافة الإسبانية (ممثلة للبعد الأوروبي المتوسطي)، والثقافات الزنجية (ممثلة للبعد الإفريقي جنوب الصحراء).

الانسجام الحضاري والمكانة الإنسانية:

يؤكد الخطابي أن النتيجة النهائية لهذا التلاقح هي امتزاج الأجناس المغربية وتوحدها، مشدداً على أن الفضل الأكبر في هذا الانصهار يعود إلى راية الإسلام، التي أوجدت امتزاجاً روحياً وفكرياً تجاوز الفروقات العرقية والأصول.

القضايا الفكرية وتحليل الانفتاح:

يؤكد النص على أن الحضارة المغربية جزء لا يتجزأ من الحضارة الإنسانية من خلال تبنيها لـروافد عالمية متعددة (إسبانية، زنجية، ومتوسطية)، مما يدل على أنها ليست منعزلة بل نقطة التقاء أسهمت وتأثرت بالثقافات العالمية.

  • التلاقح مع شمال إفريقيا: يُستدل عليه من التأثير الأمازيغي الأصيل، الذي يمثل عمقاً ثقافياً متجذراً ومشتركاً بين المغرب ودول المغرب الكبير.
  • الانفتاح الدائم على أوربا وإفريقيا: يتجلى هذا الانفتاح في بعدين، الأول شمالي (متوسطي) عبر التأثر بـالثقافة الإسبانية، والثاني جنوبي (إفريقي) عبر التبادل الحضاري مع الثقافات الزنجية جنوب الصحراء. هذا التموضع الجغرافي والثقافي يجعل المغرب جسراً حيوياً بين القارتين.
  • أمثلة التأثير الأمازيغي في الفنون: رغم أن النص لم يوردها صراحة، إلا أن هذا التأثير يظهر بوضوح في العمارة (مثل تصميم القصور وإكودار واستخدام الطين)، وفي الفنون والحرف (كـالزرابي ذات الرموز الهندسية المميزة، والمجوهرات الفضية المنقوشة).

1 تعليقات

أحدث أقدم

نموذج الاتصال