في (نظرية البيان) الشعرية يعتمد الباحث المنهج البنيوي، ويرى أن خير وسيلة للنظر في حركة النص الأدبي هي الانطلاق من مصدره اللغوي، كما يشخّصه (ياكوسبون) في (نظرية الاتصال) التي جاء بها، وحدّدها بستة عناصر تغطي وظائف اللغة كافة، بما فيها الوظيفة الأدبية: فالقول يحدث من (مرسِل) يرسل (رسالة) إلى (مرسَل إليه).
ولكي يكون ذلك عملياً يحتاج إلى ثلاثة أشياء هي: السياق، والشفرة، ووسيلة الاتصال.
وكل قول مهما كان نوعه إنما يدور في هذه المدارات الستة، واختلاف الأقوال في طبيعتها وفي جنسها إنما يكون في تركيزها على عنصر من هذه العناصر أكثر من سواه.
والذي يهمنا هنا هو (الوظيفة الأدبية)، وذلك حين يصبح القول اللغوي أدباً، وهو تحوّل فني يحدث للقول، ينقله من الاستعمال النفعي إلى الأثر الجمالي.
فالرسالة كقول لغوي، تتجه من باعثها إلى متلقيها، وغايتها نقل فكرة، فإذا فهمها المتلّقي، انتهى دورها.
أما في حال القول الأدبي فإن الرسالة (تنحرف) عن خطّها، بحيث لا يصبح (المرسل) باثاً ولا (المرسَل إليه) متلقّياً، وإنما يتحوّل الاثنان إلى فارسين متنافسين على مضمار واحد يضمهما هو (النصّ)، ويتحول القول اللغوي من (رسالة) إلى (نصّ) ولا يعود هدف الرسالة نقل الأفكار أو المعاني، وإنمّا تصبح الرسالة غاية في ذاتها.
وهذا التوجّه يتعقّد في أطوار تكوّنه، فيجلب إليه عناصر أخرى مهمة مثل (السياق) و(الشفرة).
(فالسياق) هو الطاقة المرجعية التي يجري القول من فوقها، ويمثل خلفية للرسالة تمكّن المتلقي من تفسير المقولة وفهمها، وهو الرصيد الحضاري للقول، ومادة تغذيته بوقود حياته وبقائه.
ولهذا فهو أكبر من الرسالة وأسبق في الوجود.
التسميات
نماذج بنيوية
