المساهمون في مصرف الوقف الإسلامي.. الانضمام إلى الجمعية العمومية للمساهمين التي ستنتخب مجلس الإدارة الذي سيعين أعضاء الإدارة التنفيذية



لمعرفة فيما إذا كان هناك من أحد سيقدم على المساهمة ووقف ماله كرأس مال أساسي لهذا المشروع، علينا الإجابة على السؤال التالي.
لماذا سيقوم المساهمين بوقف أموالهم مع العلم أنهم لن يحصلوا على أي فائدة مادية؟

للإجابة أقول:

1- إن الله تعالى قد خلق الإنسان محباً لفعل الخير بفطرته، وهذا دافع أصيل موجود في أعماق كل فرد سليم الفطرة، و ليس أدل على ذلك من وجود مؤسسات خيرية أو غير ربحية في جميع دول العالم.

2- أما إذا كان مسلماَ فإن ذلك سيزيد من دافع البذل و العطاء عنده، لما يعلم من الله مالا يعلمه الآخرون، ولو كان هذا المال المبذول غير الزكاة المفروضة، و ليس أدل على ذلك من انتشار مشاريع الأوقاف على مساحة العالم الإسلامي و عبر جميع العصور، فما هو الدافع عند كل هؤلاء غير الثواب و المغفرة الموعودة من الله تعالى، وهو الذي يقول في كتابه العزيز (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق و المغرب و لكن البر من آمن بالله و اليوم الآخر و الملائكة و الكتاب و النبيين و آتى المال على حبه ذوي القربى و اليتامى و المساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب و أقام الصلاة وآتى الزكاة و الموفون بعهدهم إذا عاهدوا و الصابرين في البأساء و الضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا و أولئك هم المتقون).

ولو أردنا أن نحصي الأموال التي تدفع سنوياَ لبناء المساجد مثلاً، لتجاوزت مئات الملايين من الليرات في سورية وحدها التي يوجد فيها الآن(608) مساجد قيد الإنشاء و آلاف المساجد المعمرة على سبيل المثال، و مع أن قياس المساجد على المصرف المقترح هو قياس مع الفارق، غير أنه يعطي مؤشر واضح على أن دافع البذل و العطاء ما زال موجودا عند المسلمين.

3- يوجد اليوم في مجتمع الأعمال ما يسمى (العلاقات العامة)، هذا المفهوم أصبح جزء أساسيا َمن الإدارة الناجحة للشركات والمؤسسات الاقتصادية، و أصبح قسماَ مستقلاَ في الإدارة العليا للشركة، و إن من أهم أهدافه هو تجميل صورة الشركة ضمن محيطها حتى تكسب ولاء الناس و الجهات الرسمية، فنرى اليوم الكثير من الشركات تنشأ الحدائق، و تجمل الشوارع، و تدعم المشاريع الخيرية، و تهتم بالبيئة، من أجل هذا الهدف. إن هذا المصرف يفسح مجالاَ إضافياَ أمام هذه الشركات و الأفراد الراغبين بالسمعة الحسنة، أن يساهموا فيه و لو بمبالغ متواضعة، و أن ينضموا إلى مجتمع أهل الخيٍر و يتبوؤا مكان مرموقا في البلد.

4- إن المساهمة في هذا المصرف ستخول صاحبها الانضمام إلى الجمعية العمومية للمساهمين، والتي بدورها ستنتخب مجلس الإدارة، الذي سيعين أعضاء الإدارة التنفيذية، التي بدورها ستكون مسؤولة أمام الجمعية العمومية عن تحقيق أهداف المصرف، وإتباع الأعراف والأصول الإدارية فليست القضية تبرع بالمال ثم الانصراف، إنما هناك آلية تمكن هذا المساهم من المشاركة في إدارة ماله المبذول، والتأكد من أن المال سيوضع في موضعه الصحيح.

ولعل هذا ما يميز هذا المشروع الوقفي عن غيره من المشاريع، التي لا يستطيع المتبرع المشاركة في إدارتها لا من قريب و لا من بعيد، مما يجعله يحجم عن التبرع في كثير من الأحيان لعدم وجود الثقة الكافية بالإدارة.

وهناك ميزة إضافية في أنه من غير المتوقع أن تسيطر مجموعة قليلة من المساهمين على هذا المصرف، لأن ذلك يتطلب التبرع بأموال طائلة دون الحصول على عائد مادي مجزي فليس من المرجح أن يحصل ذلك.

5- يمكن لدوائر الأوقاف نفسها أن تساهم في هذا المصرف حيث أن هناك انسجام كبير في الأهداف و الرؤية بينهما، وقد ذكر ذلك في أحد بنود أهداف الوزارة(إقامة المنشآت و المؤسسات الخيرية و مساعدة اليتامى والبائسين).

يرى الباحث أن في هذا ما يشكل باعثاَ كافياَ للمساهمين حتى يقدموا على ذلك ولا سيما المسلمون منهم وسبب ذلك أنه كما يقول د. يونس المصري في معرض حديثه عن عوامل النجاح "بالنسبة للمجتمع الإسلامي في الحاضر كما في الماضي تمتزج المبادئ الأخلاقية والثقافية والاجتماعية مع المبادئ الدينية امتزاجاَ وثيقاَ.

وسبب ذلك أن المجتمع الإسلامي عاش منذ ولادته وخلال فترة طويلة من تاريخه تحت قانون الدين و تعاليمه" لذلك لا يتوقع أن يواجه هذا المصرف مشكلة نقص المساهمين إذا تحققت كل المتطلبات الأخرى.