إذا كنا نتوفر اليوم على بعض ممهدات البحث العلمي المنشود، والمتمثلة في الطاقات البشرية ذات الاختصاصات المتعددة وبعض الهياكل والبنيات، فإننا لم نحقق بعد شوطا مقنعا في مأسسة هذا البحث وعقلنته وتقوية موارده وتيسير انفتاحه على آخر المستجدات المعرفية في العلوم الإنسانية وعلى أرقى مكتسبات التكنولوجيا وعلوم الاتصال.
وهو شوط ضروري لاستقراء حاجة المجتمع في مضمار التربية والتعليم، واستنهاض المتطلبات الخاصة بتنمية المردودية التعليمية والتعلمية، والإلمام بالمنطلقات الضرورية للتكوين البيداغوجي والمعرفي، والوعي بأهمية المحددات السوسيوثقافية للنظام التربوي، والتمكن من شرائط ومنافع النموذج المدرسي المنفتح والقادر على التواصل.
إن قولنا هذا، غير وارد على سبيل إثارة القصور الذي يشكو منه البحث العلمي فحسب، بل إنه وارد أيضا انطلاقا من رؤية تأسيسية /مستقبلية تعتبر التلازم بين البحث ـ التكوين ـ التدريس، قاعدة للسير بالتجديد التربوي إلى أقصى غاياته.
فالنهوض بمأموريات تكوين المدرسين وتحيين الأهداف الخاصة بهذا التكوين وتنويع مسالكه واختياراته وجعله منفتحا على النظريات والمناهج والطرائق التربوية الواعدة، وقادرا على اختراق إشكالياتنا البيداغوجية، لا يمكن أن يتحقق إلا بالربط بين التأطير البيداغوجي والبحث العلمي وتحويل أسئلة التدريس والتكوين وانشغالات التربية والتعليم إلى موضوعات للتحليل والتقصي، والارتقاء بمؤسسات التكوين التربوي لتنهض بتنمية هذا البحث مادامت تتوفر على رصيد علمي وبيداغوجي، وعلى مؤهلات بشرية كفيلة بخوض هذا الرهان.
إن انشغالات الحاضر وتطلعات المستقبل، لا تسمح بوضع القضايا التربوية على الهامش أو إثارتها بأسلوب سطحي وموسمي يحجب عمقها وخطورتها، ويخفي انعكاساتها الاجتماعية والسياسية والثقافية، فلا غنى اليوم عن البحث كلما تعلق الأمر بالإقدام على إرساء بنيات وهياكل التعليم والتأطير والتعلم، ولا سبيل إلى تقويم موضوعي لمختلف المحطات ولكل النتائج التي يسفر عنها نظامنا التعليمي إلا من خلال الممارسة العلمية في مستوياتها النظرية والأمبريقية، وفي تعدد اختصاصاتها وحقولها.
ولعل اختيارا من هذا القبيل هو القادر على الارتقاء بالعلوم التربوية لتواكب جل قضايا النسق التعليمي وتتمكن من تطوير حقلها الإشكالي والمفهومي، ومن ترسيخ أنماط أصيلة في التحليل والتقصي.
التسميات
مدرسة
