خريطة الوجود اللبناني في أفريقيا: الأعداد والتمركز في دول غرب القارة وتأثير الصراعات على حجم الجاليات

اللبنانيون فى غرب إفريقيا:

تعتبر الهجرة اللبنانية إلى أفريقيا ظاهرة تاريخية فريدة بدأت في أواخر القرن التاسع عشر وتطورت لتشكل واحدة من أكبر وأغنى الجاليات في القارة. في مطلع القرن الحادي والعشرين، كانت أعداد اللبنانيين في أفريقيا تتباين بشكل كبير، وتتمركز بشكل أساسي في غرب أفريقيا، حيث أسسوا شبكات تجارية واقتصادية واسعة.


التوزيع العددي وأهمية الجاليات اللبنانية:

تتركز الجاليات اللبنانية في عدد من الدول الأفريقية، وتختلف أعدادها بناءً على عوامل تاريخية وسياسية واقتصادية. لم تكن هذه الجاليات مجرد مجاميع بشرية، بل كانت جزءًا حيويًا من الاقتصاد المحلي والدولي.

  1. ساحل العاج: معقل الجالية اللبنانية الكبرى تعتبر ساحل العاج موطنًا لأكبر جالية لبنانية في أفريقيا. في مطلع القرن الحادي والعشرين، تراوحت التقديرات بين 120 ألفًا و300 ألف شخص. لعبت هذه الجالية دورًا حاسمًا في اقتصاد البلاد، خاصة في قطاعات التجارة، والصناعة، والخدمات. ورغم أنهم يشكلون أقلية، إلا أنهم يسيطرون على جزء كبير من الأنشطة الاقتصادية، مما يجعلهم قوة مؤثرة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.
  2. نيجيريا: الجالية اللبنانية القديمة والمتجذرة تُعد الجالية اللبنانية في نيجيريا واحدة من أقدم الجاليات الأفريقية. في مطلع القرن الحادي والعشرين، بلغ عددهم حوالي 30 ألفًا. تميزت هذه الجالية باندماجها الاجتماعي العميق، حيث أسست شركات عائلية ضخمة واستثمرت في قطاعات متنوعة مثل البناء، والاتصالات، والتصنيع.
  3. السنغال: الاندماج والنمو يُقدر عدد اللبنانيين في السنغال بنحو 25 ألفًا في مطلع الألفية الجديدة. نجحوا في بناء علاقات قوية مع المجتمع السنغالي، وشغلوا مناصب مهمة في القطاعين الخاص والعام. ساهموا بشكل كبير في تطوير قطاعات الخدمات المصرفية، والسياحة، والتجارة.
  4. سيراليون: تراجع الأعداد وتأثير الصراعات كانت سيراليون وجهة مهمة للبنانيين، خاصة العاملين في تجارة الماس. وصل عددهم إلى 25 ألفًا في نهاية التسعينيات، لكن الحرب الأهلية أدت إلى هجرة جماعية. في مطلع القرن الحادي والعشرين، انخفض عددهم بشكل حاد ليصل إلى حوالي 6 آلاف فقط.
  5. غانا: الجالية الصغيرة والمؤثرة رغم أن عدد اللبنانيين في غانا كان متواضعًا، حيث تراوح بين 3 آلاف و5 آلاف، إلا أن تأثيرهم الاقتصادي كان كبيرًا. أسسوا شركات ناجحة في قطاعات التصنيع، والتجارة، والمقاولات، ونسجوا علاقات قوية مع المجتمع الغاني.
  6. ليبيريا: الكارثة الإنسانية وأثرها على الجالية تأثرت الجالية اللبنانية في ليبيريا بشكل كبير بالحرب الأهلية التي اندلعت في التسعينيات. انخفض عددهم من حوالي 15 ألفًا إلى أقل من 1000 شخص في مطلع القرن الحادي والعشرين، بعد أن تعرضت ممتلكاتهم للنهب والتدمير.

عوامل الهجرة وتأثير الجاليات:

بدأت موجات الهجرة اللبنانية إلى أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر، نتيجة لظروف اقتصادية صعبة في جبل لبنان. تصاعدت هذه الهجرة في فترات لاحقة، خاصة خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990). كان المهاجرون الأوائل من المسيحيين الموارنة، تلاهم المسلمون الشيعة من جنوب لبنان.

لم يكتف اللبنانيون بالاستقرار في هذه الدول، بل لعبوا دورًا حيويًا في اقتصاداتها، سواء عبر الاستثمار المباشر، أو التجارة، أو تحويل الأموال التي تدعم اقتصادات بلدانهم الأصلية. كما عملوا كجسور ثقافية واقتصادية بين لبنان والقارة الأفريقية.

تُظهر الأعداد في مطلع القرن الحادي والعشرين أن الجالية اللبنانية كانت قوة اقتصادية واجتماعية لا يستهان بها في أفريقيا، على الرغم من التحديات الأمنية والسياسية التي واجهتها في بعض الدول.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال